إلى الحرب لعواقبها الوخيمة، ومن بينهم ابنه «الحسن» لكن الإمام
«على» أصر على موقفه، وبينما هو يستعد لذلك، جاءته أخبار
أخرى مفزعة من «مكة»، تخبره بمسير «عائشة» وجماعتها إلى
«البصرة».
موقعة الجمل (36هـ):
كانت أم المؤمنين «عائشة» - رضى الله عنها - عائدة من أداء فريضة
الحج، وسمعت بمقتل «عثمان»، فعادت من الطريق إلى «مكة»،
وأعلنت سخطها على قتله، وأخذت تردد «قُتل والله عثمان مظلومًا
لأطلبن بدمه»، ثم وافاها فى «مكة» «طلحة» و «الزبير» - رضى الله
عنهما - و «بنو أمية»، وكل من أغضبه مقتل «عثمان»، وراحوا
يتباحثون فى الأمر، وهداهم تفكيرهم إلى تجهيز جيش للأخذ بالثأر
من قتلة «عثمان» والسير به إلى «البصرة»، باعتبارها أقرب بلد
إليهم من البلاد التى اشترك أهلها فى الثورة على «عثمان» وقتله،
وكان هذا اجتهادًا منهم مجانبًا للصواب، لأنهم بهذا العمل كأنهم
أقاموا حكومة أخرى غير حكومة الإمام، المبايع شرعًا من الأمة،
والمنوط به وحده إقامة الحدود والقصاص من القتلة، وربما كان
الأفضل من هذا أن يتوجهوا إلى «المدينة»، ليشدوا من أزر الخليفة
فى هذا الوقت العصيب الذى تمر الأمة به، ويتشاوروا معه فى إيجاد
طريقة لحل المشكلات التى تواجهها الأمة.
وصلت أخبار سير «عائشة» ومن معها إلى «على» وهو يتأهب
للخروج إلى الشام لقتال «معاوية»، فاضطر إلى تغيير خطته، فلم
يعد ممكنًا أن يذهب إلى الشام، ويترك هؤلاء يذهبون إلى
«البصرة»، فاستعد للذهاب إلى هناك.
خرجت السيدة «عائشة» - رضى الله عنها - ومعها فى البداية نحو
ألف رجل لكن هذا العدد تضاعف عدة مرات، بانضمام كثيرين إلى
الجيش، نظرًا إلى مكانة «عائشة»، فلما اقتربوا من «البصرة»، أرسل
واليها «عثمان بن حنيف» إلى أم المؤمنين «عائشة» رسولين من
عنده، هما «عمران بن حصين» و «أبو الأسود الدؤلى» يسألانها عن
سبب مجيئها. فقالت لهما: «إن الغوغاء من أهل الأمصار ونزاع