خليفة فاطمى تولَّى الخلافة سنة (524هـ) عقب وفاة ابن عمه
«الآمر»، ولم تكن حاله مع وزيره «على بن الأفضل» بأحسن من
حال ابن عمه، فقد كان يتحكم فيه، وجعله كالمحجور عليه، ولا
يسمح لأحد بزيارته إلا بإذن منه، وانعطفت سياسة الدولة -فى
عهده- انعطافًا خطيرًا يهدد بزوالها، فقد عين اثنين من القضاة
الشيعة، ومثلهما من السنة، وجعل لكل الحق فى إصدار حكمه
وفق مذهبه، ولقب نفسه بالأكمل مالك فضيلتى السيف والقلم،
مولى النعم، رافع الجور عن الأمم، وأسقط اسم الخليفة من
الخطبة، فكانت نهايته القتل جزاءً لما صنع. لم يكد الخليفة
يستريح من سيطرة «ابن الأفضل» حتى وقع تحت سيطرة ونفوذ
«بهرام الأرمنى» والى «الغربية»، الذى تقلد الوزارة، واستقدم
الكثيرين من بنى جلدته حتى تجاوزوا ثلاثين ألفًا، وكلهم من
الشيعة المتعصبين لمذهبهم، فأذاقوا أهل البلاد الهوان، وبنوا
الكنائس والأديرة، فأثار ذلك حفيظة الناس، وثار «رضوان بن
الولخشى» والى «الغربية»، وقاد جيشه، وهاجم به الوزير
«بهرام» الذى انهزم، وفرَّ هاربًا إلى «أسوان»، فتولى
«رضوان» الوزارة بدلا منه، ولكنه ارتكب أعمالا أثارت عليه
حفيظة الخليفة، فاستدعى الخليفة «بهرام» من أسوان ليتولى
الوزارة من جديد، فهرب «رضوان» إلى الشام، ثم عاد إلى
«مصر» ثانية على رأس جيش تصدى له جنود الخليفة، فهزموه
وأسروا «رضوان»، ثم قُتل. تُوفِّى «الحافظ» فى سنة (544هـ)،
وقد تميز عصره بالنزاع الدائم من أجل الوصول إلى منصب
الوزارة بالقوة والجيوش المسلحة.