أن يخرجوا من أوطانهم المحلية ويتعرفوا هذا العالم الواسع، سواء

أكان من خلال رحلات الحج التى كانوا يقومون بها إلى بلاد الحجاز،

أم من خلال قوافل التجارة التى كانوا يرحلون معها إلى شتى

الأقطار حتى وصل بعضهم إلى الهند والصين.

الحياة الثقافية:

وفى هذا المجال كان أثر الإسلام أمرًا غير مسبوق، ذلك لأن الأفارقة

لم تكن لهم ثقافة ناهضة راقية قبل اعتناقهم الإسلام، ولم يكونوا

يعرفون مجرد القراءة والكتابة، بل لم يكونوا يعرفون من الثقافة إلا

العادات والتقاليد المرتبطة بالكهانة والسحر والشعوذة، وبالطبيعة

من مطر وجدب وإنبات وحصاد ونبوءات وأساطير، فلما جاء الإسلام

أمدهم بالعلم والفن الرفيع، وعلَّمهم القراءة والكتابة، واستقدم لهم

العلماء من مصر والمغرب وتونس وشتى أنحاء العالم الإسلامى، بل

وأرسل طلابهم إلى هذه البلدان استزادة من العلم والفقه، وبنى لهم

المدارس والكتاتيب، وزوَّدهم بلغة القرآن وهى اللغة العربية التى

وحدت مشاربهم ونسقت أفكارهم وربطتهم بالدين والعقيدة

الإسلامية، فمهدت السبيل أمام ظهور ثقافة إفريقية إسلامية مشتركة

بعد أن صارت هذه اللغة هى لغة العلم والدراسة والإدارة والتجارة

والعبادة بل والتخاطب بين قبائل كثيرة فى القارة. وأصبح العلماء

الأفارقة هم حلقة الربط والوصل بين هذا المجتمع السودانى الزنجى

وبقية المجتمعات الإسلامية، بذهابهم إلى هذه المجتمعات كما قلنا

لمزيد من الدراسة والعلم أو تأدية لفريضة الحج، وبذلك تم القضاء

على التخلف الثقافى والحضارى والفكرى الذى كان يسود

المجتمعات الإفريقية، وأصبح الإفريقى يزهو بأنه يجيد القراءة

والكتابة، بل يفخر بأنه أصبح من العلماء والفقهاء مثله فى ذلك مثل

غيره من علماء المسلمين فى كافة ديار الإسلام.

ولقد أدى هذا الرقى العلمى والثقافى الذى وصلوا إليه أن الدول

الإفريقية التى لايحكمها مسلمون كانت الوظائف التى تتطلب خبرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015