والمساواة والتعاون والتكافل أساس الحياة الاجتماعية، وأصبح
الأسود باعتناقه الإسلام على قدم المساواة مع غيره داخل وطنه،
ومع إخوته فى الإسلام فى أى مكان آخر، مما أشعره بالعزة
والكرامة والاعتداد بالنفس بعد أن كان عبدًا مهانًا يتحكم الملك
الإفريقى الوثنى أو شيخ القبيلة فى أموره كلها بل فى حياته
نفسها، وأصبح سلوك الناس ملوكًا وعامة مضبوطًا بضوابط الإسلام
وشريعته وأحكامه، ولم يصبح مرتهنًا بأوامر الملك المقدس ونزواته
أو نزوات شيخ القبيلة. وبذلك حرر الإسلام الإنسان الإفريقى وكل
إنسان يعتنقه من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
الحياة الاقتصادية:
كان النظام الاقتصادى يقوم على احتكار شيخ القبيلة أو الملوك أو
الزعماء للأرض والثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية وحق المتاجرة
فى سلع معينة، فلا يحق للناس العاديين تملك شىء فقد كانوا هم
والأرض وما ينتجونه منها ملكًا للملك. فلما جاء الإسلام قضى على
ذلك، فأطلق حق التملك حسب الجهد والطاقة وبَذْل المجهود والعمل،
وجعل كسب المال أمرًا متاحًا للجميع كل حسب جده وكده، فقضى
بذلك على الإقطاع والاستغلال والاحتكار، كما قضى على العبودية
ونظام السخرة فصار العامل يأخذ أجره عما يقوم به من عمل بعد أن
كان يعمل فى مزرعة الشيخ أو الملك دون أجر.
كما حرَّم الإسلام الربا وفرض الزكاة التى كان الأغنياء يدفعونها
للفقراء، وكان السلاطين يأخذونها ويوزعونها فى مصارفها
الشرعية، مما جعل حياة الناس محاطة بسياج من العدالة والأمن
والرخاء.
وقد جلب الإسلام للأفارقة منافع مادية ضخمة؛ إذ ربط الساحل
بالداخل من خلال قوافل التجارة التى توغلت حتى الكونغو ومنطقة
البحيرات، وحتى أعماق الغابة فى غرب القارة مما أدى إلى القضاء
على عزلة المناطق الداخلية، بل وعلى عزلة الأفارقة عامة وربطهم
بالعالم الإسلامى الواسع وبتجارته الزاهرة، وقد أتاح لهم إسلامهم