العرب كما قالوا لنا تجار رقيق، وإنما هم تلك الموجة الإنسانية التى

اختلطت بنا وصاهرتنا وتركوا لنا لغة متولدة من لغتهم - يقصد اللغة

السواحيلية - ودينًا، وحضارة، وسماحة تسرى بين كل الناس، كما

تركوا على أرضنا دماءهم والبلجيك يحصدونهم بالأسلحة الحديثة،

وليس أعز علينا شىء من هذا الدم العربى الذى سال فى الماضى

كما سال ويسيل دمنا الآن فى بلادنا على أيدى أعداء العرب

أنفسهم فى القرن الماضى».

ونشير الآن فى إيجاز شديد إلى أثر الإسلام وحضارته فى شتى

ميادين الحياة فى إفريقيا جنوب الصحراء:

الدين والعقيدة:

وفى هذا المجال نستطيع القول إن الإسلام قضى على العقائد

الوثنية وحلت الوحدانية محل عبادة الأرواح والأسلاف ومظاهر

الطبيعة، فاستبدل الناس الإسلام بهذا الشتات والفرقة الدينية الوثنية

ذات الطبيعة الخرافية والوهمية، وتم القضاء على تحكم أرواح

الأسلاف والأجداد - كما كانوا يعتقدون - فى حياة الأحياء؛ إذ كانت

أرواح هؤلاء الأسلاف من الموتى هم الرؤساء الفعليون للأسرة

وللقبيلة كلها، وهم القوامون والمراقبون لسلوك الأحياء، ولهم عليهم

حق الثواب والعقاب، ولابد من استشارتهم فى كل أمر من أمور

الحياة ومشاكلها. كما قضى الإسلام على الاحتفالات الدينية المهيبة

التى كانت تقام لآلهتهم ولأسلافهم، والتى كانوا يشربون فيها

الخمور ويقدمون فى أحيان كثيرة القرابين البشرية كى ترضى عنهم

الآلهة وأرواح الأسلاف، حررهم الإسلام من كل ذلك ومن أعمال

السحر والكهانة المرتبطة بهذه العقائد الوثنية، وحل الفقيه أو الداعية

المسلم محل الكاهن أو الساحر، وحل المسجد فى القرية الإفريقية

محل دار عبادة الأوثان ذات المنظر البشع، وحلت حلقات الذكر التى

كان الصوفية يعقدونها محل حفلات الرقص الماجنة، وبذلك تحرر

الأفارقة سودانًا كانوا أم زنوجًا من هذا التخلف العقيدى والفكرى

وتم جمعهم على عبادة واحدة وإله واحد وشريعة واحدة ذات نظم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015