ومن الأحاديث المحذرة من تكفير المسلم قوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء به أحدهما)) (?) قال الحافظ في الفتح (والتحقيق أن الحديث سيق لزجر المسلم من أن يقول ذلك لأخيه المسلم وقيل معناه رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره فمعنى الحديث فقد رجع عليه تكفيره، فالراجع التكفير لا الكفر، فكأنه كفر نفسه لكونه كفر من هو مثله) (?) وقال القرطبي رحمه الله: (والحاصل أن المقول له إن كان كافراً كفراً شرعياً فقد صدق القائل وذهب بها المقول له، وإن لم يكن رجعت للقائل معرة ذلك القول وإثمه) (?).

وهذا الوعيد والزجر إن لم يكن مع الكفر بينة كما ذكر القرطبي، ولم يكن متأولاً ومن فقه البخاري أن وضع هذا الحديث تحت باب (من أكفر أخاه بغير تأويل فهو كما قال) ثم ذكر بعده باباً آخر بعنوان (باب من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً أو جاهلاً) ثم ذكر بعض الأحاديث (?) الدالة على المقصود.

ومن الأدلة التي يمكن الاستدلال بها للتحذير من التكفير موقف السلف من أحاديث الوعيد لمن ارتكب الكبائر وعدم إنفاذها على الأعيان من مثل قوله – صلى الله عليه وسلم-: ((لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه)) (?) ولعنه شارب الخمر، والواصلة والمستوصلة والراشي والمرتشي وقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10] إلى غير ذلك من الأدلة (?)، فهذه الأدلة القول بموجبها واجب على العموم والإطلاق من غير أن يعين شخصاً من الأشخاص فيقال: ملعون أو مستحق للنار. لإمكان التوبة، أو الحسنات الماحية أو المصائب المكفرة وغيرها من مكفرات الذنوب بل عد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول بلحوق الوعيد لكل فرد من الأفراد بعينه، أقبح من قول الخوارج المكفرين بالذنوب والمعتزلة وغيرهم (?)، والتكفير هو من الوعيد (?) بل أشد أنواع الوعيد فإذا كان هذا التحذير فيما دون الكفر، فالتحذير من إطلاق الكفر على التعيين أشد والله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015