وأخرج النسائي عن أبي مالك الأشعري أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إسباغ الوضوء شطر الإيمان, والحمد لله تملأ الميزان .. والتسبيح والتكبير يملأ السموات والأرض والصلاة نور, والزكاة برهان, والصبر ضياء, والقرآن حجة لك أو عليك)) (?).
وهذا الحديث دلالته كدلالة الحديث السابق, ومعنى إسباغ الوضوء: أن يتمه كاملاً.
والزكاة برهان على إيمان صاحبها, والصبر ضياء له يمشي مستضيئاً به في طريق الصواب.
وأخرج الترمذي بسند حسن عن جرير النهدي عن رجل من بني سليم قال: ((عدهن رسول صلى الله عليه وسلم في يدي أو في يده: التسبيح نصف الميزان والحمد يملأه, والتكبير يملأ ما بين السموات والأرض, والصوم نصف الصبر, والطهور نصف الإيمان)) (?).
قال أبو عيسي: هذا حديث حسن, وقد رواه شعبة وسفيان الثوري عن أبي اسحاق وفي رواية لأحمد: ((والطهور نصف الميزان)) (?). وعن مولى لرسول صلى الله عليه وسلم أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: ((بخ بخ, خمس ما أثقلهن في الميزان: لاإله إلا الله, والله أكبر, وسبحان الله, والحمد لله, والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والده)) الحديث (?).
وهذا الحديث ظاهر في فضائل تلك الأمور التي ذكرت فيه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بخ بخ)) (هي كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء, وتكرر للمبالغة) (?).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول صلى الله عليه وسلم: ((خلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة وهما يسير, ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله في دبر كل صلاة عشراً, ويحمده عشراً, ويكبره عشراً, قال: فأنا رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يعقدهما بيده قال: فتلك خمسون ومائة باللسان, وألف وخمسمائة في الميزان, وإذا أخذت مضجعك تسبحه وتكبره, وتحمده مائة, فتلك مائة باللسان وألف في الميزان, فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ قالوا: وكيف لا يحصيهما؟ قال: يأتي أحدكم الشيطان وهو في صلاته, فيقول: اذكر كذا, اذكر كذا؛ حتي ينتقل فلعله لا يفعل, ويأتيه وهو في مضجعه, فلا يزال ينومه حتى ينام)) (?).
وما دامت الحسنة بعشر أمثالها, فإن الحسنات ستكون كثيرة جداً أكثر من السيئات, إذ إن الشخص لا يمكن أن يفعل في اليوم ألفين وخمسمائة سيئة, كما أشار الحديث.
وأخبر رسول صلى الله عليه وسلم عن بعض الأعمال, وأنها تكون ثابتة في ميزان العبد؛ ثواباً على ما عمل من الأعمال التى يوضحها حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من احتبس فرساً في سبيل الله, إيماناً بالله وتصديقاً بوعده؛ فإن شبعه, وريه, وروثه, وبوله, في ميزانه يوم القيامة)) (?).
وفي هذا الحديث بيان فضل من احتبس فرساً في سبيل الله تعالى.
قال ابن حجر في معني كون روثه في ميزان العبد: (يريد ثواب ذلك, لا أن الأرواث بعينها توزن.