وعن فائدة تنصيص رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذكر هذه الأمور, وأنها تكون في ميزان العبد؛ يقول ابن أبي جمرة: يستفاد من هذا الحديث أن هذه الحسنات تقبل من صاحبها؛ لتنصيص الشارع على أنها في ميزانه, بخلاف غيرها, فقد لا تقبل فلا تدخل الميزان) (?).

ومثل الحديث السابق أيضاً ما وراه معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((والذي نفس محمد بيده: ما شحب وجه, واغبرت قدم في عمل تبتغي فيه درجات الجنة – بعد الصلاة المفروضة – كجهاد في سبيل الله, ولا ثقل ميزان عبد كدابة تنفق له في سبيل الله, أو يحمل عليها في سبيل الله)) (?).

وأخبر عن ذلك الميزان العظيم, وأنه لا يؤثر فيه الثقل المادي، كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة, اقرأوا: فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا [الكهف: 105])) (?)

وأخرج الترمذي والإمام أحمد, عن أبي الدرداء, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما من شئ أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن, وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)) (?).

وفي هذين الحديثين إثبات وزن العامل وعمله أيضاً.

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((توضع الموازين يوم القيامة، فيؤتى بالرجل فيوضع فى كفة, فيوضع ما أحصي عليه؛ فتمايل به الميزان, قال: فيبعث به إلى النار, قال: فإذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن يقول: لاتعجلوا لا تعجلوا, فإنه قد بقي له, فيؤتى ببطاقة فيها: لا إله إلا الله, فتوضع مع الرجل في كفة حتي يميل به الميزان)) (?).

وهذا الحديث _ كذلك دليل على وزن العامل, ووزن صحف الأعمال.

ومسألة وزن الله للإنسان وعمله وصحف الأعمال, وما قيل حول ذلك, سيأتي الكلام عنها إن شاء الله فيما بعد مفصلة بأدلتها.

وعندما ينصب الميزان يبلغ الخوف والهلع بالناس إلى أقصى حدوده, بحيث ينسي الحبيب حبيبه, ويذهل فيه كل ذي لب عن أهله وعن كل شئ إلا فكره في الميزان وماذا ستكون نتيجة وزن عمله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015