السلمي: "كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضلالة وأنهم ليسوا على شيء وهم
يعبدون الأوثان، فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارًا فقعدت على راحلتي فقدمت عليه فإذا
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستخفيًا جرآء عليه قومه، فتلطفت حتى دخلت عليه مكة فقلت له: ما أنت؟
قال: أنا نبي. قلت: وما نبي؟ قال: أرسلني الله. فقلت: بأي شيء أرسلك؟ قال: أرسلني
بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله لا يشرك به شيئًا. فقلت له: من معك على
هذا؟ قال: حر وعبد. قال: ومعه يومئذ أبو بكر وبلال ممن آمن به. فقلت: إني متبعك.
قال: إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ألا ترى حالي وحال الناس، ولكن ارجع إلى أهلك
فإذا 76 سمعت بي قد ظهرت فائتني. فذهبت إلى أهلي وقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة وكنت في
أهلي، فجعلت أتخبر الأخبار وأسأل كل من قدم من الناس حتى قدم علي نفر من المدينة
فقلت: ما فعل هذا الرجل؟ قالوا: الناس سراع إليه وقد أراد قومه قتله فلم يستطيعوا.
فقدمت المدينة فدخلت عليه فقلت: يا رسول الله، أتعرفني؟ قال: نعم ألست الذي لقيتني
بمكة؟ قلت: يا نبي الله، أخبرني عما علمك الله وأجهله، أخبرني عن الصلاة. قال: صل
صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع، فإنها تطلع بين قرني
شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صل؛ فالصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر،
ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس، فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها
الكفار. قلت: يا نبي الله، فالوضوء حدثني عنه. قال: ما منكم رجل يقرب وضوءه
فيمضمض وشمتنشق فينتثر إلا خرت خطايا وجهه من أطراف لحيته وخياشيمه مع الماء، ثم
يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرت خطايا يديه من أنامله مع الماء، ثم يمسح رأسه إلا خرت
خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين إلا خرت خطايا رجليه من
أنامله مع الماء، فإن هو قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل وفرغ قلبه لله إلا
انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه. قحدث عمرو بن عبسة بهذا أبا أمامة فقال له: يا
عمرو، انظر ماذا تقول، في مقام واحد يعطى هذا الرجل! فقال: يا أبا أمامة، لقد كبرت
سني، ورق عظمي، واقترب أجلي، وما بي حاجة أن أكذب على الله ورسوله، لو لم أسمعه
من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا مرة أو مرتين أو ثلاثًا -حتى عند سبع مرات- ما حدثت به أبدًا ولكني قد
سمعته أكثر من ذلك". له شاهد من حديث أبي سلام.