وأن حديث ابن أبي الحُقيق ناسخ له، قال: وكان الزهري إذا حدث بحديث الصعب أتبعه حديث ابن كعب.

قال الشافعي: حديث الصعب كان في عمرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن كان في عمرته الأولى فقد قتل ابن أبي الحقيق قبلها، وقيل: في سنتها، وإن كان في عمرته الآخرة فهو بعد أمر ابن أبي الحقيق غير شك، ولم نعلمه رخص في قتل النساء والولدان، ثم نبهى عنه، ومعنى نهيه عندنا أن يقصد قصدهم بقتل وهم يُعرفون مُميزين ممن أُمر بقتله منهم. وقوله: "هم منهم" أي: يجمعون خصلتين فليس لهم حكم الإيمان الذي يمنع الدم، ولا حكم دار الإيمان الذي يمنع الغارة على الدار.

14100 - علي بن المديني، نا سفيان، نا الزهري، عن عبيد اللَّه، عن ابن عباس، عن الصعب، قال: "مر بي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأنا بالأبواء -أو بودان- فأهديت إليه لحم حمار وحش فرده عليّ، فلما رأي الكراهة في وجهي قال: إنه ليس بنا رد عليك، ولكنا حرم. قال: وسُئل عن ذراري المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال: هم منهم. وسمعته يقول: لا حمى إلا للَّه ورسوله". قال سفيان: وكان إذا حدث بهذا الحديث قال: "وأخبرني ابن كعب ابن مالك، عن عمه "أن رسول اللَّه لما بعث إلى ابن أبي الحقيق نهى عن قتل النساء والولدان".

قال ابن إسحاق: لما انقضى أمر الخندق وأمر بني قريظة، وكان أبو رافع سلام بن أبي الحقيق ممن كان حزَّب الأحزاب على رسول اللَّه؛ استأذنت الخزرج رسول اللَّه في قتله، وكان بخيبر، فأذن لهم فيه، قال: ثم غزا بني المصطلق في شعبان سنة ست، ثم خرج معتمرًا في ذي القعدة عام الحديبية.

قال المؤلف: ثم كانت عمرته التي تسمى عمرة القضاء، ثم عمرة الجعرانة، ثم عمرته في عام حجه. فقتل ابن أبي الحقيق كان قبلهن، وكيف يكون نهيه في قصة ابن أبي الحقيق عن قتل النساء والولدان ناسخًا لحديث الصعب الواقع بعده، وزعموا أنه هاجر إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ومات بزمن أبي بكر، فإن كان سماعه للحديث من رسول اللَّه بعدما هاجر فهو أيضًا بعد قصة ابن أبي الحقيق، فإن في حديث الهدنة ما دل على أنه أول ما التقى بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فيكون وجه الحديثين ما أشار إليه الشافعي من اختلاف الحالين، واللَّه أعلم. واحتج الشافعي في جواز التبييت أيضًا؛ فقال:

14101 - أنا عمر بن حبيب عن ابن عون (خ م) (?) "أن نافعًا كتب إليه يخبره أن ابن عمر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015