عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبا على الصحابة الذين تلقوه وواجبا على من يسمع منهم وهكذا إلى آخر الزمان فالكل يبلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو بوسائل متعددة وهل يجب على كل فرد أن يبلغ شيئا ولو قل فيكون التبليغ فرض عين أو التبليغ واجب في الجملة على سبيل فرض الكفاية إذا قام به البعض سقط الإثم والطلب عن الباقين الذي أميل إليه أن تبليغ القليل أو أقل القليل واجب عيني أما الواجب على الكفاية فهو تبليغ الكثير تبليغ العلم والشريعة بكمياتها وعلومها المختلفة
ولما أمر صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه لزم الاحتراز والتحذير من الكذب عليه صلى الله عليه وسلم كأنه يقول بلغوا وتحروا الصدق في التبليغ وإياكم والكذب علي في تبليغكم
وقد اتفق العلماء على تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه من الكبائر بل بالغ الإمام الجويني فحكم بكفر من كذب متعمدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وجهل من قال من الكرامية وبعض المتزهدة بأن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم يجوز فيما يتعلق بتقوية أمر الدين وفي الترغيب والترهيب وتأولوا فقالوا فرق بين من كذب عليه ومن كذب له فمن قوى الدين بما لم يقله صلى الله عليه وسلم فقد كذب له كمن وضع أحاديث ترغيب في قراءة القرآن أو في جزاء الأعمال الصالحات والوعيد في الكذب عليه وهذا التأويل باطل ومردود فالشريعة الإسلامية قوية ولا تحتاج إلى تقوية بالكذب والكذب عدم مطابقة الخبر للواقع على الإطلاق
أما التحديث عن بني إسرائيل بما لم تتأكد صحته فقد ورد أولا النهي عنه لعدم الإفراط في قصصهم وأعاجيبهم ثم ضعف صلى الله عليه وسلم الاعتماد على الأخبار التي تنقل عنهم لانقطاع السند واحتمال الكذب فأشار بعدم تصديق ما نسمع عنهم وبعدم تكذيبه إذا أتاكم عن بني إسرائيل شيء فلا تصدقوه ولا تكذبوه لا تصدقوه لكثرة ما نسب إليهم من الأكاذيب ولا تكذبوه لكثرة ما وقع فيهم من الأعاجيب