أما عن النقطة الخامسة: فإن التعريف واجب لظاهر الأمر، وإن أخذها لحفظها، نعم إن غلب على ظنه أن سلطانا غير أمين يأخذها منه إن عرف امتنع عليه التعريف، وكانت أمانة تحت يده، وكيفية التعريف ترجع إلى العرف كأن ينادي أو يكتب: من ضاع له شيء فليطلبه عندي، ويكون ذلك في بلد اللقطة، في الأسواق ومجامع الناس، وأبواب المساجد، وعند خروج الناس من الجماعات ونحوها، ويكره التعريف في المساجد وطلب اللقطة فيها إذا وقع ذلك برفع الصوت، ومدة التعريف سنة لقوله صلى الله عليه وسلم "عرفها حولا" والمعنى في ذلك أنها أطول مدة في العادة تستغرقها القوافل، وفيها تمضي الفصول الأربعة ولو التقط اثنان لقطة عرفها كل واحد منهما نصف سنة على الراجح، ثم اقتسماها عند التملك، ولا يشترط في التعريف الفور، ولا الموالاة، ولا استيعاب السنة، بل يرجع ذلك إلى العرف والعادة، نعم ظاهر الحديث أن أبي بن كعب أمر بالتعريف عامين، ولم يقل بهذا الظاهر أحد من أئمة الفتوى، لهذا قال ابن حزم: إن عامين ولم يقل بهذا الظاهر أحد من أئمة الفتوى، لهذا قال ابن حزم: إن الرواية إما أن تكون غلطا من الرواة وإما لكون المعرف عرفها تعريفا غير جيد كما قال للمسيء صلاته "ارجع فصل فإنك لم تصل" ويجوز أن يكون التكرار في الأمر بالتعريف محمولا على مزيد التورع عن التصرف في اللقطة، والمبالغة في التعفف عنها. وابتداء الحول من يوم التعريف، لا من يوم الأخذ، وقد ذهب مالك والشافعي وأحمد إلى تقدير الحول من غير تفصيل بين القليل والكثير، وقال بعضهم، إن كانت أقل من عشرة دراهم يعرفها أربعة أشهر، وإن كانت عشرة فصاعدا عرفها حولا. وقال بعضهم: إن الكثير في العرف يعرف سنة، والقليل يعرف مدة يغلب على الظن قلة أسف صاحبه عليه.
وأما النقطة السادسة: فقد جاء في بعض الروايات "فإن جاء أحد يخبرك بعدها ووعائها ووكائها فأعطه إياها" وهي ظاهرة في أن الوصف كاف في الرد، ولا يحتاج إلى شهود، ويجب الدفع حينئذ، وهو ما هب إليه مالك وأحمد وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما: لا يجب الدفع إلا بالبينة لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "البينة على المدعي" وتأولوا الرواية السابقة بما إذا