-[فقه الحديث]-
يمكن إجمال أحكام الحديث فيما يلي:
أولا: حكم محترف الحجامة، وحكم أجره، وحكم معطي هذا الأجر. أما الحجامة فهي مباحة في حد ذاتها، وإذا كانت مباحة كان محترفها لا شيء عليه. نعم هي من المهن الدنيئة، كالكناسة، وينبغي أن يترفع عنها المسلم الحر، أما أجره فقد كرهه الأكثرون، وحملوا النهي في الحديث على التنزيه، مستدلين بأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم، وأعطى الحجام صاعا من تمر، ولو كان أجره حراما لم يعطه، وإنما كره لخبثه من جهة كونه عوضا مقابلا لمخامرة النجس وأجازه كثير من العلماء من غير كراهة، كأجر البناء والكناس وقالوا في الحديث: إن النهي عن ثمن الدم السائل الذي حرمه الله، فلا يباع وقال أبو حنيفة: أجرة الحجام لا تجوز، مستدلا بأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن مهر البغي، وكسب الحجام فجمع بينهما، ومهر البغي حرام إجماعا، فكذلك كسب الحجام، وجعلوا النهي في حديثنا للتحريم وقال آخرون: يجوز للمحتجم إعطاء الحجام الأجرة، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أفعاله، ولا يجوز للحجام أخذها عن كسبه، أما شراء أبو جحيفة للعبد فقد كان ليكسر محاجمه، ويمنعه عن تلك الصناعة فهما منه أن النهي عن ذلك للتحريم، فأراد حسم المادة.
ثانيا: حكم بيع الكلب. وقد قال الشافعي وأحمد ومالك في رواية عنه: لا يجوز بيع الكلب، وإن ثمنه حرام ولو معلما، وذلك لنجاسته كالخنزير. وقال أبو حنيفة وبعض المالكية: يجوز بيع الكلاب التي ينتفع بها، وتباح أثمانها، وأجابوا عن هذا الحديث الذي معنا بأنه كان حين كان حكم الكلاب أن تقتل، وكان لا يحل إمساكها، ثم أبيح الانتفاع بها للاصطياد ونحوه. ونهي عن قتلها فيباح بيع ما ساغ الانتفاع به.
ثالثا: حكم الواشم والموشوم: لا خلاف في حرمة الوشم، لأنه من فعل الجاهلية، وفيه تغيير لخلق الله تعالى، وقد ورد في فاعله اللعن.