المخاطب بذلك المسلمون، فلا يدخل الشرك حتى يحتاج إلى إخراجه، ويؤيد هذا الفريق ما جاء في مسلم عن عبادة في هذا الحديث "ومن أتى منكم حدا" إذ القتل على الشرك لا يسمى حدا، ورد الحافظ ابن حجر على هذا الرأي ورجح توجيه النووي، فقال: إن خطاب المسلمين بذلك لا يمنع من التحذير من الإشراك وما ذكر في حقيقة الحد عرفي، فالصواب ما قال النووي.
نعود إلى آراء العلماء وأدلتهم فنقول:
إن القائلين: بأن الحدود كفارات وجوابر، ولو لم يتب المحدود، هم الجمهور، ويستدلون بظاهر هذا الحديث، فهو صريح بأن من أصاب حدا فعوقب به في الدنيا، فهو كفارة له، ثم إن عبادة بن الصامت لم ينفرد برواية هذا الحكم، بل روى ذلك أيضا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما أخرجه الترمذي وصححه الحاكم، وفيه "من أصاب ذنبا، فعوقب به في الدنيا، فالله أكرم من أن يثني العقوبة على عبده في الآخرة" وللطبراني عن ابن عمر مرفوعا" ما عوقب رجل على ذنب إلا جعله الله كفارة لما أصاب من ذلك الذنب" ومن أدلتهم حديث ماعز والغامدية، إذ اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم إقامة الحد توبة فقال: "لقد تاب توبة لو قسمت بين أمة لوسعتهم".
القول الثاني: أن الحدود ليست كفارات إلا مع التوبة، وبذلك جزم بعض التابعين، وهو قول للمعتزلة، ووافقهم ابن حزم وبعض المفسرين واستدلوا باستثناء من تاب في قوله تعالى: {إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم، إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم} فالآية حكمت عليهم بعذاب أخروي بعد خزي الدنيا وعقوبة الدنيا، ولم ترفع عقوبة الآخرة إلا بالتوبة، وقد حاول بعض العلماء أن يرد هذا الاستدلال بأن الاستثناء إنما هو من عقوبة الدنيا، ولذلك قيدت بالقدرة عليه. قاله الحافظ ابن حجر. فالآية على هذا معناها أن ذلك الجزاء