إذ قال "فأجره على الله بالجنة" وذكر "على" في "على الله" للدلالة على تحقق الوقوع، كالواجبات، لأن الله لا يجب عليه شيء.

(ومن أصاب من ذلك شيئا) الإشارة للمنهيات المذكورة، والمراد ما عدا الشرك، إذ خرج بدليل آخر كقوله: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.}

(فعوقب في الدنيا) في رواية "فعوقب به في الدنيا" بالحد أو القصاص مثلا.

(فهو كفارة له) أي فالعقاب الدنيوي كفارة وطهور، كذا جاء في رواية الإمام أحمد.

(ثم ستره الله) قال بعضهم عطف هنا بثم، وعطف "فعوقب" بالفاء للتخويف من الوقوع في المعصية لأن السامع إذا علم أن العقوبة تعقب وتفاجئ المعصية خاف ونفر، بخلاف الستر فإنه متراخ بعيد.

-[فقه الحديث]-

المسألة الرئيسية في هذا الحديث: هل الحدود كفارات للذنوب لا يعاقب عليها في الآخرة؟ أو ليست كفارات؟ وبعبارة الفقهاء: هل الحدود جوابر؟ أو زواجر؟ أي هل هي تجبر صاحب المعصية وتنقيه من الذنب؟ أو هي لزجره وزجر غيره، وعليه عقوبة أخروية؟ للعلماء في هذه المسألة ثلاثة مذاهب. قيل: جوابر، وقيل: زواجر، وقيل: بالتوقف. ولكل أدلته.

وقبل التفصيل والتدليل نسارع بأن قتل المرتد على ارتداده غير داخل في المسألة، فلا نقاش في أن قتله غير مكفر لذنبه، وخروجه من العموم الظاهر في الحديث من قوله "ومن أصاب من ذلك شيئا" حيث إن الإشارة للمذكورات وأولها "أن لا تشركوا بالله شيئا" هذا العموم -كما قال النووي -خصص بقوله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وبعض العلماء يجعل الإشارة لما ذكر بعد الشرك، بقرينة أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015