عند الترمذي "صغيرا أو كبيرا وفي رواية" ولو كمفحص قطاة" والقطاة طائر صغير، ومفحصه عشه الذي يضع فيه البيض.
(يبتغي به وجه الله) أي يطلب به رضا الله، والمراد من ذلك الإخلاص.
(بنى الله له بيتا في الجنة) في بعض الروايات في الصحيح "بنى الله له بيتا مثله في الجنة" ولا شك أن المماثلة في مسمى البيت، إذ موضع شبر في الجنة خير من الدنيا وما فيها. وبناء الجنة من در وياقوت، ولعل المماثلة في أصل الصفات لا في مقدارها، فالمسجد الواسع يجازى ببيت واسع، والمسجد المشيد يجازى ببيت مشيد، بقطع النظر عن ماهية ومقدار التشييد، ولعل هذا هو مقصد عثمان رضي الله عنه من الاستدلال بالحديث على فعله.
-[فقه الحديث]-
مما لا شك فيه أن إنكار البعض على عثمان إنما كان موجها إلى الغلو في مواد البناء، دون إعادة البناء، ودون التوسعة التي أرادها، فلم ينكر أحد على عمر التوسعة التي وسعها، ولا إعادة البناء، ولهذا نجد من الصعوبة فهم رد عثمان على أنه رد مقنع، هم ينكرون الغلو، ولا ينكرون البناء وفضله وعثمان يدلل على فضل البناء، وحتى رواية "بنى الله له في الجنة مثله" لا تؤيد المماثلة في التشييد والمغالاة، وإلا لتنافس المسلمون في ذلك بدرجة لا يقول بها أحد من العلماء.
ويبدو لي أن عثمان أقنع المنكرين بما لم يذكر في الحديث، وأنه اقتصر على هذا الجزء كدليل على فضل بناء المساجد، وأغفل الكلام الآخر الخاص بالواقعة الخاصة، لعله قال لهم: إن عمر الحجارة يفوق بكثير عمر اللبن، وإن خشب الساج يفوق متانة الجريد، فطول عمر البناء بهما يعادل زيادة تكاليفهما، بل إن التكاليف في تلك الأيام لم يكن يحسب لها حساب فقد امتلأت خزائن الدولة وخزائن الناس، فلعله قال لهم: إن المسجد يجب