أن يجد المصلي فيه راحته وأمنه من الحر والبرد، ليتفرغ قلبه للعبادة، وأنه ينبغي أن لا يقل قبولا عند المصلين عن بيوتهم. ونحو ذلك مما أقنعهم.
والحديث يفيد إنكار زخرفة المساجد، فإن الصحابة أنكروا التشييد بالخشب والجص، مع فائدتهما في ذات البناء وقوته، فإنكارهم للزخرفة بناء على هذا لا شك فيه، لعدم وجود الفائدة، مع الإضرار بالخشوع، وعلى ذلك فليس من الشريعة زركشة المساجد بالألوان المختلفة، ولا كتابة الآيات والأحاديث على الجدران، كل ذلك بدع نشأت في عهد الوليد بن عبد الملك قال الحافظ ابن حجر: وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا من الفتنة. ثم قال: ورخص في ذلك بعضهم، وهو قول أبي حنيفة، إذا وقع ذلك على سبيل التعظيم للمساجد، ولم يقع الصرف على ذلك من بيت المال وقد حاول البدر العيني -وهو حنفي المذهب أن يضعف القول الذي نسب إلى أبي حنيفة، فقال: مذهب أصحابنا أن ذلك مكروه، وقول بعض أصحابنا: ولا بأس بنقش المسجد معناه تركه أولى، ولا يجوز من مال الوقف، ويغرم الذي يخرجه، سواء أكان ناظرا أم غيره، إما لاشتغال المصلي به، وإما لأنه إخراج المال في غير وجهه. اهـ.
والحق أن المنع من الزخرفة للعلتين معا، شغل المصلي ووضع المال في غير وجهه، وعدم الزخرفة لا يؤدي إلى الاستهانة بالمساجد فلتشيد المساجد دون زخرفة، وما أكثر العمارات الخالية من الزخرفة المشيدة كأحسن تشييد، يدعو إلى الإعجاب والتقدير والإكبار، لقد كان عمر قادرا على زخرفة المسجد ولكنه قال للصانع: أكن الناس من المطر، وإياك أن تحمر أو تصفر، فتفتن الناس. رواه البخاري.
والحديث يدعو إلى إخلاص النية لله، ومعنى ذلك توقف هذا الجزاء على الإخلاص، أما من يقصد ببناء المسجد المباهاة والمراءاة فإن عمله محبط. وهل يدخل في ذلك من شهر مسجدا باسمه؟ أو كتب اسمه عليه؟ قال ابن الجوزي: من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيدا من الإخلاص.