جسمه فذاك إضافتك إياه والحمى من عذاب الأجسام والرجال.

قال أبو محمد: قد أوجب على رأي المفسر أن يكون الناوون إليه سفراً لا يخلون من محموم فلذلك صار هو محموماً مضافاً إليه حالته، وقد يخلون من الحمى في سفرهم إليه. وفي هذا البيت غرائب منها أنه جعل ضيافته مقصورة على من نوى سفراً إليه دون استضافة من الحاضرين فأوجب الحمى على أضيافه فلذلك حمّ وجعله قادراً على نقل الحمى من جسم إلى جسم ومنها أنّه قد اتفق في ناوي السفر إليه جماعة بهم حمى أما أن تجتمع به أنواع الحميات وأما أن يخصه واحدة منها ويبقى الباقون لِما بهم لم يصف حالات جميعهم وهذا هذيان محموم.

وقال المتنبي:

عجبتها شرفاً فطال وُقوفها ... لتأملِ الأعضاء لا لأذاتها

الحسن هاهنا أوقع من الشرف لأن الشرف لا يتبين في الأعضاء والجيد قول البحتري:

ألطت به الحمى ثلاثاً ودها ... لو أن وشيك البراء مهل عاجلُه

تعاوده شوقاً إليه ولم يزل ... يتوق إليه الإِلْف حين يزائلُه

فهذا يخبر أن ود الحمى لو تمهلت في جسمه وأنها تعاوده شوقاً فإن قلت فهذا الذي أنكرت من قول المتنبي لأنه أطلق الشوق عليها قلت لم يبين السبب فيه والبحتري ذكر أنه يألفه من صحبته فلذلك اشتاقته الحمى وهذا تملح من الشعراء لا يطلب لمثله حقيقة فالبحتري أرجح منه كلاماً وأرق فهو أحق بالمعنى.

وقال المتنبي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015