وقال المتنبي:

لا نعذلُ المرض الذي بك شائقٌ ... أنتَ الرجال وشائق عِلاَّتِها

العلل أعراض فكيف يعبر عنها بالشوق وما شوق العلل مما يدخل في المديح ولو حسن استعمال المبالغة المستحيلة في كل شيء لكان هذا المديح لا يستعمل في رئيس ويستعمل في حبيب لأحسن لأن الحمى إذا شاقها فلحسن وجه أو جسم كما قال غيره:

حُماك جاسية حماكُ عاشقةٌ ... لو لم تكن هكذا ما قَبَّلتْ فاكا

وهذا يشبه قول القائل:

أتمنى قبلةً منه ... في الزمان الطويل

يا لها حاجة ترددتْ فيها ... بذلتْ للعدو دون الجليل

لما كان التقبيل من عادة العشاق حسن أن يعبر عن هذا اللفظ بالتخميش والعشق وكان المقبل ممن يصلح للعشق وأما من يجب أن يوصف بالجود والبأس وسياسة الأمور فوصفه بهذا أولى به مما يسمى معشوقاً وشائقاً.

وقال المتنبي:

فإِذا نوت سفراً إليك سبقتها ... فأضفت قَبل مضافها حالاتها

فسره بعض الرجال فقال: معناه إذا أراد الرجال السفر إليك سبقتها بإضافتك حالاتها قبل إضافتك إياها ولا بد للمرض من جسم يحله فيه فيحله في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015