فلا يعارض البين فيهم لما جنى عليه من مرّ ثمره واستعار الطير وأسم الشجر لما أحتاج إليه من ذكر الثمر والحصني يذكر اصطفاهم ناساً غير أطاليب فقد جنى ثمر المكروه جاني ثمرهم فالمقاصد وإن اختلفت فالمعاني والاستعارات فقد اتفقت والأول أحق بما فتح.
وقال المتنبي:
إني على شغفي بما في خُمرها ... لأَعِفُّ عما في سَراويلاتِهَا
هذا مما أورده أبو العباس النامي المصيصي في عيوبه فإن كان اشتهى لفظ السراويلات فلا علة لذلك إلا أنها تضم ما تضمه مما يقصد فيه إلى مقصد رديء ولا فرق بين هذا وبين قول أبي نؤاس:
وجهي إذا أقبلت يشفعُ لي ... وبلاءُ قلبك حسن ما خَلْفي
وليس يعيب المحبوب أن يجنب منه الفاسق ما خلفه ويمتنع أو قدامه وقد شرط الرجل العفاف ولم يزل الشعراء يستجيزون النظر إلى الحسن ويعفون عن غير ذلك كما قال مسلم:
أخذتُ لطرف العينِ منها تصيبه ... وأخلفتِ من كفي مكان المخلخلِ
وقال ابن أبي زرعة:
إِذا ما خلت مني تناولت كفّها ... وقبلتُ وسط البحر واسطة العِقْدِ
أخذتْ التي فيها العقاب لآخذ ... ولم أرد الأخرى بهزلٍ ولا جدِ