وقال المتنبي:
وترى المروّة والفتوّة والأب ... وّة في كل مليحة ضرّاتها
هُنّ الثلاث المانعاتي لذَّتي ... في خلوتي إلا الخوفُ من تبعاتِها
هذا شعر يدل على قلة ورع وأحسن تخلصاً منه قول القائل:
رموني وإياها بشنعاتهم بها ... أحقُ أذال الله منهم وعجلا
يا من تركناهُ وربّ محمدٍ ... عياناً فأما عفةٌ وتجمَّلا
وقسم الترك على العفة والجميل الذي معناه مروءة ولم يستخف بالتبعات وأحسن تخلصاً منه ابن الرومي حيث يقول:
ينهاه عن مأثمٍ تقي ورعٍ ... فيه، وعن مدنسٍ تقي أنفِ
فجعل تركه للمأثم ورعاً وللمدنس أنفاً وهذا كلام نبيل وتقسيم جليل وقد وافقه إبراهيم بن المهدي بقوله:
استحييا إلاّ تعفا واعلما ... أن ليس ما أخفيتماه بخافِ
يا رب مجتنب لما فارقتما ... متنزه عنه بغيرِ عفافِ
وقول إبراهيم أقل قبحاً لأنه قد يجوز أن يدفع المرء المأثم تنزهاً لا العفاف ويكون مع عدم العفاف خائفاً من تبعاتها وأبو الطيب قد استعمل شكاً منه خوف التبعات ونسأل الله أن يقينا فيه القول والعمل.
وقال المتنبي:
ومقانبٍ بمقانبٍ غادرتُها ... أقوات وحشٍ كُنّ من أقواتها
المألوف أن يقتات الناس من الوحش الظباء والحمير والبقر والأرانب والثعالب وهذه الأجناس كلها لا تأكل القتلى وإنما تأكلهم السباع والنمور والذئاب وليس هذه من الأقوات فإن أكل منها شيء فجوع مفرط قد فسد معناه على هذا.