حتى دفعنا اليه مملكتاً ... ينحسر الطرف في مواكبها
وأنصرف النعمان الى الحيرة بعد إن أكرمه بهرام جور وأحسن صلته وزاده على ما كان له لوجوب حقه عليه وموضع تربيته أياه وخدمته ومناصحته 36 له فاقام في ملكه وسكن الخورنق الى إن ساح.
وروي إن السبب كان في سياحته إنه أشرف على الخورنق في يوم من زمان الربيع في عام مخصب غيداق فنظر فاذا الارض كأنها قد كسيت بالثياب الخضر المنقوشه بالوان الزهر ونفحته نفحات من النسيم وقد تأرجت بمرورها على تلك الرياض ونضر الى القرى متسقة والانهار مطردة والنخيل باسقة والاشجار مورقة والانعام رابعة وتأمل مجلسه وملكه فرأى كل منظر حسن أنيق. وجعل لا ينظر الى شيء فيسأل عنه فيقول لمن هذا إلا قيل لك أبيت العنه فقال لاصحابه: هل رأيتم مثل هذا الملك أو أحسن من هذا المنظر؟ وكان فيهم رجل من بقيا الصالحين فقال له: أيها الملك أنك قد سألت أفتأذن في الجواب؟ فقال نعم. قال: أرأيت ما أنت فيه من ملكك هذا الذي قد أعجبك هو شيء لم يزل لك أم أنتقل اليك من غيرك؟ قال: بل صار اليّ بعد إن كان لغيري قال: فإنه كما أنتقل إليك عمن كان قبلك ينتقل عنك الى من يكون بعدك وتبقى مرتهناً بعملك ففكر طويلاً ثم قال: صدقت فكيف المهرب وأين المطلب فقال له: إما أن تقيم في ملكك وتعمل فيه