وسار بهم حتى نزل المدائن فخرج اليه أكابر الفرس وأعتذروا ليه من عدولهم الملك عنه الى غيره بما كان من جور أبيه عليهم وسوء سيرته فيهم فكلمهم بكلام أستدلوا به على عقله وفضله. وقال لهم: أني كنت أشد كراهية منكم لسوء صنيعه وقبح سيرته ولكم علي إن أستدرك جميع فساد كان منه في سنة واحدة فان لم أفعل فاعزلوني وولوا من شئتم. فقالوا: فكيف نصنع بكسرى وقد وليناه؟. فقال لهم فيما ذكره الطبري تجعلون التاج بين أسدين ضاريين فاينا دخل بينهما فاخذه كان الملك له فعرضوا ذلك على كسرى فاجاب اليه ظناً منه إن برهام جور يعجز عنه فلما وضعوا التاج بين الاسدين قال برهام جور لكسرى: دونك التاج فقال: بل أنت تبدأ باخذه لانك الذي أقترحت ذلك. فقام ليأخذه فثار ليه الاسدان فاخذ باذني أحدهما ثم وثب فركبه وضغط جنبيه برجليه فعجز عن الحركة وتناول أذني الاخر بيده الاخرى ودق هامتها واحدة بواحدة حتى شدخهما جميعاً فماتا وأخذ التاج فلبسه وجلس على السرير فكان كسرى أول من قام فحياه بتحية الملك وأستقر ملك فارس عليه وقد أفتخر أبو نواس بما كان مت نصر النعمان لبهرام جور وذكره في قصيدته فقال:
ونحن أذ فارس تدفع به ... رام قسطنا على مرازبها
بالخيل شعثاً على لواحق كالسب ... دان تعطوا الذي مذاهبها
بالصيد من حمير ومن سلفي قح ... طان والفخر في مناسبها