الأوس الخزرج، ومن كان ذا جمل معن وحبل فين ورأي لا يكن، فليلحق بأرض شن فلحق بها قوم منهم، فهم أزد شنوءة، ومن كان ذا فاقة وضر وصبر على أزمات الدهر، فليلحق بالأراك من بطن مر، فاحقت به خزاعة، ومن كان يريد خمراً وخميراً، وذهباً وتوفيراً، فلينزل بصرى وعويراً، فلحق بها قوم منهم آل جفنة، ومن كان معهم بالشام من الأزد. ومن كان يريد بلداً عالياً وعيشاً آنياً، وملكاً دانياً، فليلحق بالشرق معالياً، فلحق قوم منهم بالعراق. ونهم مالك بن فهم وأهل بيته في جماعة من الأزد. فضرب بتفرقهم المثل فقيل تفرقوا أيدي سبأ وأيادي، فصارت مثلاً سائراً. وقص الله قصتهم في كتابه فقال سبحانه: (لقد كان لسبأ في مسكنهم آيةٌ جنتانِ عن يمينٍ وشِمال) الآيات، وذكر الأعشى قصتهم فقال:
وللموت خير لمن ناله ... إذا المرء أمته لم تدم
وفي ذاك للمؤنسي أسوة ... بمأرب عفى عليها العرم