مواقع الغيث من غامر فضله لا يأمن خائفهم الإلية بفنائه، ولا يستغني فقيرهم الإلية من عطائه، فساداتهم ورؤساؤهم ببابه وقوف، وأشرافهم حول صاحب جيشه عكوف، إذا رأوه ارموا إكراما وأطرقوا هيبةً وإعظاما تهدد القبيلة منهم ببعض أعوانه، وتنقاد لأحد فتيانه أمره في نفوسهم فما دونها نافذ وكل منهم به لائذ ليس لهم منتجع الإلية جوده والإلية ملاذ الإلية عموده كان أبى تمام وصف ربعه أمرعه الله بقوله
بمعرس العرب الذي وجدت به ... أمن المخوف ونجدة المنجود
حلت عرى أثقالها وهمومها ... أبناء إسماعيل فيه وهود
وهل من كانت هذه بعض صفاته أولى بالتسمية بملك العرب أم من كان يدنيه إن يشن الأعلام على العرب ويغزوهم فيسبي حرمهم، ويقتل فرسانهم ويطرد إنعامهم ويبيعهم أسراهم ويغزونه أيضاً ويغيرون عليه فيفعلون به مثل ذلك، حذو النعل بالنعل، وهل ملك القوم من كان معاشه من عطائه ونائله وجوائزه ونوافله؟ وأين ملوك تركض عليهم رعاياهم في أرضهم وتغزوهم في عقر دارهم، من ملك لا يطمئن من حوله من ملوك الأرض في ديارهم لخيفته ولا يأمنون في أرضهم لهيبته فكل منهم يبذل جهده ويستفرغ وسعه في الدخول له تحت شرائط الطاعة والانقياد في إرسال التباعة حتى يعقد له بالأمان عقداً ويعطيه عهداً، يقطع من العراق أقطاره ويعقد على الملوك حول أمصاره ويستخدمهم في أكنافه، ويستعملهم على أطرافه. فصاحب البصرة لم يطمئن حتى وثق بحسن عفوه بعد إن علم إنه لا