كذبته فيه فجمع التركمان ووصل الدولة أكناف مدينة السلام، ثم أنكفأ راجعاً وفرق من عسكره ما كان جامعاً. وقد ذكرت حال هذين أيضاً في القصيدة فقلت:
وكربغا إذ بغى ما عُزَّ مطلبه ... فعاد أسوأ مرجوعٍ ومنقلبِ
ويوسف قبل ما لاقاه من طمع ... نجته قريه بلقيل والحربِ
تبيَّتا حين ضلا إن غنمهما ... نفسيهما غير مغنوم ومنتهبِ
فعردا والمنايا تستزيرهما ... عن حادر بدم الاقرن مغتصبِ148
فليتأمل متأمل ما بين هذين الملكين من التباين في علو الشأن، وكثرة الجنود والأعوان، وطول اليد وعز الجند، وقهر الاشداد وكبت الأعداء والحساد، ليعلم قد ما بين درجتيهما من التباين في سائر أحوالهما، والتفاوت في علو منزلتهما، وأحتجاج من أحتج لمن تقدم من الملوك فانهم كانوا يذبحون أول من يلقاه يوم بؤسه إرهابا للناس مما لا يقدح في قضيته العقول والإفهام ولا يقوم به عذر عند ذوي الحجى والأحلام، وأين ملك يخبط خبط عشواء ليتهيبوه ويعبث فيهم عبث العجماء ليتجنبوه من ملك كان أبن الرقيات وصفه بقوله:
ملكه ملك رأفت ليس فيه ... جبروت منه ولا كبرياء
عليه من مهابة لولا ما يمازجها من كرمه ويخالطها من حسن شيمه لما ملأ نظره منه متأمل ولا نطق في مجلسه متكلم كما وصفته في قصيدة امتدحته بها فقلت:
يوم الحفل حين يقول عنه ... وقد خفقت لهيبته القلوب