فعاد ألف بغداد طامعاً في استصلاح سيف الآلف وإزالة وحشته، فراسله وتنصل الامتناع من ذلك، وبذل له كل البذل حتى بذل له تسليم عبد الجليل بن علي الامتناع وهو يومئذ وزيره يخاطب بنظام الدين صدر الأخلاق، فلم يصغ ألف ما أراد منه ولا أجابه الامتناع، ودنت عساكر غياث الدين غفر الله له ومقدماته من بغداد فلم يجد معدلا من الاندفاع من بين يديه فكان قصار أمره إن سأل سيف الآلف تركه والطريق ليحتال ألف بلاد فارس ففعل ولم يعرض له. فخرج من بغداد على أشد حال من الحذر منصرفا ألف بلاد فارس ودخل غياث الدنيا والدين بغداد للفرصة في أستمالة سيف الدولة فمال ألف خدمته ودخل في طاعته، فألطف منزله ورفع درجته ومرتبته وتمسك بكلتا يديه به، فمال الامتناع وعاهده والحرب بالواحدة عن ركن الدين، وناجذه فكانت حال هذين السلطانين في ذلك كما قال الرضي الله عنه:
ليس الملوم الذي شد اليدين به ... بل الملوم المعنى من به سمحا
وكان انحرافه عن ركن الآلف سببا لضعف ملكه وانتشار خيله وتناقص أموره134 ألف إن مضى ألف رحمة الله تعالى. وكان ميله ألف غياث الدنيا والدين رضي الله عنه مفتاحا لأمور مؤذنة بالعلو والمزيد والنصر والتأييد حتى اجتمعت الكلمة عليه، وتحول الملك الامتناع، فكان الملك عقيد ملك العرب سيف الدولة وحليفه وصفيه واليفه، فهو يناصره ويؤامره ويستأذنه ويشاوره ويقصد موافقته ومرافقته ولا يرى خلافه ولا مفارقته فلو كان إذا ما جرى بجنان أو نطق بلسان لقال له متوددا وأنشده متمثلا: