ومن ينضاف إليه من العرب ويمتنع ما أمكنه الامتناع؟ فإن قتل في الحرب قتل كريماً وإن غلبته الأمور وهر كان حينئذ معذوراً لكنه رأى نفسه دون ذلك كله فهرب لما نظر في الكتاب بأول خاطر وقبل مواجهة حرب وبكر بن وائل أقاموا بدارهم مستيقنين للحرب آيسين من الصلح وقبول العذر فجمع لهم الجموع وسير إليهم الجنود وعندهم علم ذلك مستقتلين لم يريموا دارهم ولم يفارقوا أرضهم حتى كانت الكرة لهم. وفي هذا دليل على إن بكراً وحدها كانت أعز منه فكيف يستحق النعمان التسمية بملك العرب وهذه صفته ومبلغ عزته ولا يستحقه ويذهب به دونه من يبذل الملوك في رضاه الرغائب ويسمحون باستمالته والاعتضاد بطاعته بأنفسهم الذخائر والمواهب. فمن مناقبه وإن كانت لا يتهيأ حصر عددها ما يحسن ذكره هاهنا عقب ما ذكر في حديث النعمان ليقاس بفعله ويعارض بمثله ويستدل به على علو درجته: إن السلطان السعيد جلال الدولة أبو الفتح ملك شاه بن ألب أرسلان رضي الله عنه وسمعت شيوخاً من العلماء بالسيرة يسمونه الاسكندر الثاني توفي في بغداد في شوال سنة خمس وثمانين وأربع مائة وبها من عساكره ما لا يحصى كثرةً فاجمع الأمراء والخاصكية وأكابر الدولة على أبنه محمود بن ملكشاه فأجلسوه على سرير الملك وخاطبوه بشاهنشاه وسلطان العالم ووقفوا قياماً أمام