تقل لآذننا أنك من أوساطها، قال: أسعدك الهك بلا قد قلت ذاك له وكنت حينئذ من أوساطها، فلما بلغت مجلس الملك ووطئت بساطه صرت من ساداتها. فاستحسن قوله فامر فحشي فمه دراً وشرفه وكساه وأوصله وتوّجه، وأجلسه على كرسي ثم سأله عن حاجته، فقال: أسعدك الله إن مضر قومي أجدبت أرضهم فسألوني إن أصير اليك، فأسألك إن تأذن لهم بدخول السواد فيعيشوا برفه شهورا وينصرفون، قال أنهم قوم يفسدون ويؤذون الرعايا، قال أنا كفيل عنهم بأن لا يفعلوا، قال: إنهم يعصونك، قال: أني لي فيهم شرفاً أنال به السماء وهذا قوسي رهن عندك على ذلك، فضحك منه وقال: أننا لا ندخل مثل هذه العصا خزائننا. وقال بعض من حضر بين يديه هذا رهن لا تبلغ قيمته خمس دراهم، يريد هذا الاعرابي إن يرهنه على ما سقت الفرات هزئا به. قال كسرى: خذوها منه فهو علقل وفيّ. وآذن لهم بدخول السواد فدخلوه شهور ثم قال لهم الحلجب: أنصرفوا من بلاد الرجل، فانصرفوا عنها وأفتخرت بنو دارم بذلك من فعل الحاجب فكان غيرهم يدفع ذلك ويزعم إن حاجباً أنما أتا مرزبانا من مرزابة كسرى. فجرى له ذلك معه، ولم يأتي كسرى نفسه. وفي الأفتخار بتاج حاجب يقول الفرزدق: