أو ليخلين سبيله. فرجعت وقد طابت نفسها وأصبح الناس غادين الى المسجد ينظرون كيف يذبح، وأصبح عايذ غاديا في عنقه سيف حتى جلس مع الناس. ودخل الحارث بن عبد المطلب آخذا بيد عبد الله وبيده الشفرة، ودنا أبوه حتى جاء الى موضع زمزم، وحسر عن ذراعيه وأخذ الشفرة وأضجع الغلام. فقامت بنو مخزوم فأخذوا بيده وناشدوه، وقالوا: ننشدك الله يا أبا الحارث فأنك إن فعلت لم يزل الرجل منا ينذر النذر ثم يجيء بولده حتى يذبحه في هذا المكان، وقد كان في أبيك أبراهيم صلى الله عليه وآله سنّة فأقتد به، وافد أبنك بمالك حتى يرضى ربك، فان عجز مالك فأحلّ في أموالنا حتى ترضي ربك. قال أفترون هذا مجزيا قالوا: نعم فأخرج عشرا من الأبل فأقرع عليها وعلى الغلام فخرجت القرعة على الغلام فنادوا إن فاخرج خمسين وأقرع عليها فخرجت القرعة على الغلام، فأخرج مائة ثم أقرع عليها وعلى الغلام فخرجت القرعة على الابل، فصاح الناس قد رضي ربك. فقال: كلا حتى أقرع ثلاثا. فأقرع ثلاثا فخرجت على الأبل، فصاح الناس رضي ربك، ووثب الحارث فأجتره من تحت أبيه حتى خرج جبينه، ونحر عبد المطلب الأبل بجزوره، وتقسمتها قريش، وفي رواية أخرى إنه جعل يقرع على عشر عشر حتى بلغت ثمانين فأفاض وهو يقول:
عهد لربي أنا موف عهده ... اخاف ربي إن تركت وعده
فخرجت على الغلام. فقال إن ربي لم يقبل الفدا، فلما رأى الناس ذلك تفرقوا كراهة إن يشهدوا ذبحه فلم يبق غير خاله وهب بن عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم فانه ثبت معه وهو يقول له: يا أبا الحارث زد ربك فانه سيرضى ولا تعجل فزاد عشرا، وأفاض فخرجت عليه فزاد عشرا فصارت مائة وأفاض وهو يقول: