الخليفة لا يسأل عمن قتل ولا أسر فادعوا دعوى مطلقة بغير بينه ولم يسموا أحداً من القتلى وهذا اللفظ يدل إنهم تناظروا هذه المناظرة وتفاخروا هذه المفاخرة في الاسلام.
قال أبو عبيدة: وكان بسطام وعتيبة عفيفين وكان عامر عاهراً فهذا كان غاية ما نسبوه إليهم من الفتك وأعتدوالهم به من الشجاعة وأحصوه لهم من القتلى وفضلوهم به على سائر العرب وهو أيضاً قول عشائرهم الذين أفتخروا بهم والمفاخرة كالمبارزة لا يترك المرء لنفسه فيها حجة إلى يوردها ولا غاية الى ينتهي إليها وربما أدعى أيضاً ما لم يكن إن أمكنه ذلك وإذا سلمنا إليهم كل ما أدعوه وقطعنا على صحته فليس هو مما يقتضي بعض ما يدعونه لهم فكيف كله ولولى تجنب التطويل لذكرنا لغير واحد من فرسان الجاهلية أضعاف مما أدعوه لهم من الفتك وكثرة القتلى فاما عنترة فإنهم لم يسموا له من القتلى غير قتيل واحد قالوا: قتل ضمضم بن جابر بن يربوع المري مرة غطفان وذكر قتله في شعره وأوعد أبنيه حصيناً وهرماً فقال:
ولقد خشيت بان أموت ولم تدر ... للحرب دائرة على أبني ضمضم
الشاتمي عرضي ولم أشتمهما ... والناذرين إذا لم القهما دمي