فقدم الحيرة مستخفيا مع زيان ومنظور أبن سيار الفزاريين، وكان في رحلهما، ودخلا على النعمان وهو على شرابه في قبة له فجلسا معه، وكان بينهما وبينه خلة، فقربهما وأكرمهما، فذكرا اله النابغة، وأنشداه شيئاً من شعره في مديحه له، وأعتذاره اليه، ولم يعلماه إنه معهما، فلما رأيا منه بعض اللين أرسلا الى النابغة، فجاء فوقف ظاهر القبة يرجز. فروي عن حسان بن ثابت الأنصاري إنه قال: كنت في مجلس النعمان بن المنذر يومئذ، وهو على شرابه في قبته أذ رجز رجل من ظاهر القبة فقال: أنمت أم تسمع رب القبة
يا أوهب الناس لعنسٍ صلبه ... ذات نجاء في يديها حدبة
طارده بالمشفر الأذبه فقال النعمان: اليس بأبي أمامه؟! وكان النابغة يكنى بها، قيل بلى، فقال: أئذنوا له، فدخل وهو يقول:
اغيرك معقلاً أبغي وحصنأ ... فخانتني المعاقل والحصون
أتيتك عاريا خلقا ثيابي ... على خوف تظن بي الظنون