وقيل: بأيديهم في خراب دواخلها وما فيها، لئلا يأخذه المسلمون، وأيدي المؤمنين في خراب ظواهرها، ليصلوا بذلك إليهم.

وقيل: كانت منازلهم مزخرفة، فحسدوا المسلمين أن يسكنوها، فخربوها من داخل، وخربها المسلمون من خارج.

وقيل: إنهم كانوا كلما هدم عليهم المسلمون من حصونهم شيئاً نقضوا من بيوتهم ما يعمرون به ما خرب من حصونهم.

وقيل: تخريبهم لبيوتهم أنهم لما صولحوا على حمل ما أقلته إبلهم، جعلوا ينقضون ما أعجبهم من بيوتهم، حتى الأوتاد، ليحملوها على إبلهم.

وقال الله تبارك وتعالى: (والله جعل لكم من بيوتكم سكناً) قال مجاهد: موضعاً تسكنون فيه (وجعل [لكم] من جلود الأنعام بيوتاً) وهي الخيام (تستخفونها يوم ظعنكم، ويوم إقامتكم) فذكر الله لهم النعمة عليهم فيما جعله لهم من بيوت الأوطان الثابتة، وبيوت الأسفار المنقلة، لتعمهم النعمة في إقامتهم وأسفارهم.

وقال الله تبارك وتعالى: حكاية عن نوح عليه السلام - (رب اغفر لي، ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً) قيل: أراد أباه لمكاً، وأمه منخيل، وكانا مؤمنين، وقيل: أراد أباه وجده. (ولمن دخل بيتي مؤمناً) قيل: صديقي الداخل إلى منزلي، وقيل: من دخل مسجدي وقيل: من دخل في ديني.

وقال الله تبارك وتعالى: (ليس [على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج، ولا على المريض حرج، ولا على أنفسكم] أن تأكلوا من بيوتكم، أو بيوت آبائكم، أو بيوت أمهاتكم، أو بيوت إخوانكم، أو بيوت أخواتكم، أو بيوت أعمامكم، أو بيوت عماتكم، أو بيوت أخوالكم، أو بيوت خالاتكم) .

أباح سبحانه الأكل في بيوت هؤلاء لمكان النسب من غير استئذانهم في الأكل إذا كان الطعام مبذولاً، فإن كان محرزاً دونهم لم يكن لهم هتك حرزه، ولا يجوز أن يتجاوز الأكل إلى الادخار، [أو] إلى ما ليس بمأكول، وإن كان غير محرز عنهم إلا بإذن منهم.

وقال الله تبارك وتعالى: (وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتاً) أي مساكن يسكنونها، وقيل: [في] قوله "مصر" إنها الإسكندرية، وقيل: بل هي مصر، وقيل: اتخذوا قصوراً، وقيل: مساجد (واجعلوا بيوتكم قبلة) ، قيل: مقابل بعضها بعضاً، وقيل: اجعلوا مساجدكم قبل الكعبة.

وقال الله تبارك وتعالى: (وأوحى ربك إلى النخل أن اتخذي من الجبال بيوتاً، ومن الشجر ومما يعرشون) .

في (أوحى) ثلاثة أقوال: أحدها: ألهمها. والآخر: سخرها. والثالث: أنه سبحانه جعل ذلك في غرائزها مما يخفى مثله على غيرها.

(أن اتخذي من الجبال بيوتاً) ذكر الله تعالى بيوتها لما ألهمها وأودعه غرائزها من صحة القسمة، وحسن الصنعة.

وقال الله تبارك وتعالى: (مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء، كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون) .

يعني سبحانه آلهة من أصنام وأوثان عبدوها، (كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً) يعني أنهم عبدوا ما لا يغني عنهم شيئاً، كبيت العنكبوت لا يستر الأبصار، ولا يدفع الأيدي. وعن عطاء عن ابن عباس - رضي الله عنه - ذكر آلهة المشركين فقال سبحانه: (وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه) وذكر كيد الآلهة، فجعله كبيت العنكبوت، فقالوا: - حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم: أي شيء يصنع بهذا؟ فأنزل الله - عز وجل -: (إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها ... ) الآية.

قال القاضي الماوردي - رحمه الله -: البعوضة من صغار البق، سميت بذلك لأنها كبعض البقة في صغرها.

وقيل: نسجت العنكبوت مرتين: مرة على داوود عليه السلام، ومرة على النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع عنكبوت عناكب، وتصغيره عنيكب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015