في التنبيه الآتي، لكن لك أن تقول إن أراد به ما سيأتي في كلام الغزالي من أنه لا طريق للمكلف إلى علم، فمسلم أو غيره فممنوع، لتظاهر الآيات والأحاديث على ذلك، ولهذا قال القرطبي في تفسيره {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ}: لما نهى الله تعالى في هذه السورة عن أشياء هي كبائر على اجتنابها التخفيف من الصغائر، ودلّ هذا على أن الذنوب كبائر وصغائر، وعلى هذا جماعة أهل التأويل وجماعة في التنبيه الآتي، لكن لك أن تقول إن أراد به ما سيأتي في كلام الغزالي من أنه لا طريق للمكلف إلى علم، فمسلم أو غيره فممنوع، لتظاهر الآيات والأحاديث على ذلك، ولهذا قال القرطبي في تفسيره {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ}: لما نهى الله تعالى في هذه السورة عن أشياء هي كبائر على اجتنابها التخفيف من الصغائر، ودلّ هذا على أن الذنوب كبائر وصغائر، وعلى هذا جماعة أهل التأويل وجماعة الفقهاء، وأن المسّة والنظرة تكفر باجتناب الكبائر قطعاً بوعده الصدق وقوله الحق أنه يجب عليه ذلك. ونظير هذا الكلام في قبول التوبة فالله يغفر الصغائر باجتناب الكبائر، لكن بضميمة
أخرى، وهي إقامة الفرائض للأحاديث، فقد تعاضد الكتاب وصحيح السنة بتكفير الصغائر قطعاً. وقول ابن عطية: لو قطعنا لمن اتصف بهذا الوصف بحصول التكفير عنه القطع بفعله المعصية، ولا يتحقق اجتناب للكبائر وخلوصه عن عهدة الفرائض، بل لا يقطع بأن ما ارتكبه ليس من الكبائر للاضطراب فيها على ما سيأتي. ثم لو سلم وجود طريق إلى العلم بذلك فلا نسلم أن الصغائر حينئذ تكون في حكم المباح؛ لأنه عند الإقدام على الصغائر يتحقق الإقدام على معصية، ولا يتحقق وجود اجتناب الكبائر وامتثال الفرائض منه بعد ذلك، وهو سبب التكفير؛ لأن الشخص لو قطع بأن الإسلام والتوبة تكفر الذنوب فلا يلزم منه ما ذكر لعدم تحقق وجود الإسلام والتوبة أو التوبة بعد الذنب حالة تعاطيه، على أنه قد سلم هذا الحكم المظنون، فلو لزم ما ذكره على قدر القطع لربما قبل بلزوم مثله على تقدير الظن؛ لأنه مكلف به في الخروج عن العهدة , وأيضاً قال الواحدي: الصحيح أن الكبيرة ليس لها حد يعرفه العباد، بل أخفاها الله تعالى ليجتهدوا في اجتناب المنهي خشية الوقوع فيها كإخفاء الصلاة الوسطى وليلة القدر حينئذ فلا سبيل للعبد إلى القطع بتكفير بعض ذنوبه بهذه الطريقة، بل قد يظن ذلك، وأن القطع بأن حكم تكفير الصغائر باجتناب الكبائر وامتثال الفرائض في كلام الغزالي ما يدل على ذلك، فإنه قال بعد كلام طويل على الكبيرة ما لفظه: فإذا يرجع حاصل الأمر أنا نعني بالكبائر ما لا تكفره الصلوات الخمس بحكم الشرع، وذلك مما انقسم إلى ما علم أنها لا تكفره قطعاً، وإلى ما ينبغي التوقف فيه، والمتوقف فيه بعضه مظنون بالنفي والإثبات، وبعضه