المقابسات (صفحة 253)

فتتحرك. حال ثابتة بائنة عما يعتاد من هذا البلد الذي أنت فيه غريب، وإلى وطنك مشتاق. وإن سميتها سكوناً فذلك سكون بهدوء وطمأنينة وأمن وسكينة، وإن سميتها حركة فهي حركة تشويق وتشبه واستمداد واستلذاذ، لا كارادتك التي ألفتها، وعادتك التي عرفتها، وخلالك التي أسلفتها، فلا تسحرنك الأسماء والكنى لهذه الأشكال، ولا يستهوينك هذا الزبرج الذي تلحظ وترى، فوراء حسك نفس، ووراء نفسك عقل، وفي أثناء العقل أنت بما أنت أنت لا بما به أنت وغيرك، ولا بما أنت به غيرك وأنت، ولكن بما أنت به كنت مرة أنت، وإذا حللت هذا العالم لم تكن هناك، لأن الكون يعقبه فساد ولا فساد هناك. فإذا لا كون ولافساد. ومن الكون والفساد رقوك، ومن الشيء وضده علوك وبالشيء الذي لاإسم له عندنا حلوك. يا هذا أنت خلاصة ذلك العالم في هذا العالم، ولكن علاك من الغربة هنا شحوب، ونالك عناء وكد ودروب ومسلك كلال وتعب ولغوب، فأنكرت نفسك، وأنكرك الناظر إليك، لأنك ثبت فيك ما غيرك، ولهج بك من كذبك وغشك، وصحبك من استعزك وغرك، وملكك ما عافك وصدك، فلما ضللت الطريق لزمت. مكانك، وعكفت على ما يعلك، فألفت ذلك المألف الوضيع، فلما أراد فطامك ظلت تجزع وتفزع، وتستغيث وتستصرخ، وأنت الجاني على نفسك. فمن يصرخك، وأنت الموبق لنفسك فمن ينقذك؟ هيهات! لا رجعة للطبيعة إليك، ولا عطفة للنفس عليك، ولا أثر عند العقل منك، ولا نسبة لما حل عن هذه كلها فيك. شقيت فبدت، ولو سعدت لبقيت. ومن تمام مصابك أنه لا مفجوع به غيرك. ولا باك لك سواك، فعلى نفسك نح إن كنت لا بد تنوح.

فلما غمرنا هذا الشيخ بهذا الفن وطرحنا في هذا الوادي سكت سكتة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015