تدبيرك في عاجلك، فإنك باق بحقيقتك، دائم بجوهرك، موجود بذاتك، واحد بأنيتك، كامل في جملتك، سعيد في تفصيلك، عجيب في شرك، ظريف في خيرك، بديع في شأنك، صلة الدهر، وعنوان الغيب، ومحجوب الشاهد، وتمام العين، ونظام السلك، وضالة كل طالب، ورضى كل واجد، ونافي كل وحشة، ومحضور كل أنسة، ورقيب كل حاضر، ونجي كل غائب. هذا بعض حديثك وجزء من شأنك، وبعض ما يترآى بعينك، ويتناجى في أذنك، وينسرب في فؤادك، ويدغدغ في روحك ويجيب عنك ورقك، ويسيغ فيك طرفك، ويريك فيك، ويحول عليك، ويعرضك فيك لك، ويعرفك إباك، ويحدثك بك، ويدنيك منك، ويقربك إليك، ويحضرك بين يديك، ويعيشك ويعشقك، ويجودك ويرودك، ويريحك ويحيطك، ويحبط بك ويحتاط لك. فيا لها عطية يا لها سعادة! لو كان للسامع فطنة بل عزمة بل قصد بل توفيق، إنها لبشرى. أما سرك في الثاني حسن حصلت في الأول من البشر، أما يسرك أن تصفو من هذا الكدر، وتنقى من هذا القشر والقذر، وتصير في زمرة الملأ الأكبر؟ حيث لا بلاء ولاذوب ولا شؤب ولا غير. حيث لا يصل إليك البطلان، ولا تتسلط عليك الأحزان. حيث تبدو عينك في بهاء شعاع في معدن الأمن والقرار، بعد استيفاء مدة هذا الليل والنهار حيث لا تنطق بلسان يناله عي ولا حصر، ولا تهينم بنفس يعتريها طيش وضجر، ولا تسمع بأذان يلجها أذى، ولا تنظر بعين يغشاها قذى. حيث تستهلك الآلهية البشرية، وتستغرق الربوبية العبودية. حيث لا تنعقد بطين، ولا تنحل بماء، ولا تقلب بهواء، ولا تحرق بنار، ولا تكمل بمزاج ولا تعتدل باخلاط. وبالجملة حيث لا سلطان للطبيعة عليك، ولا سريان لهواها فيك، ولا تخطيط من رسومها وأشكالها عندك. حيث لا تظن فتخظئ ولا تتمنى فتخسر، ولا تأمل فتخاف، ولا تجرك فتسكن، ولا تسكن