الكبير، لأن النفس الناطقة لا تعطيك مكنون ما فيها إلا بتصفحك كل ما هو دونها من أجلها.
قيل فما العلم؟ قال: قال بعض الأوائل: هو الرأي الواقع على كنة حقائق الأشياء وقوعاً ثابتاً لا ينتقل عنه.
قيل له: قد استفدناه فيما يحكي، وإنما نرغب إليك فيما حاكه فضلك واستنبطه فكرك، وجاد به عقلك، وانتهى إليه فضلك؟ فقال: العلم وجدان النفس مطلوبها توحدت به واتحدت فيه لهما، وهذه صورته عندنا، وشك الإنسان بعد ذلك بالرأي الضعيف الظن السخيف من ناحية الطبيعة والعادة، لأن ما جرى مجراهما لا يتحيف بحصولها ولا يسلبها ما صار بالواجب لها.
وقال: والعلم انفعال ما ولكن باستكمال يؤدي إلى النفس سرورها، وحبورها اللذان هما خاصان لهما. والمعرفة تنفذ في الأشباح المائلة والإحساس القابلة. والعلم ينفذ في الأرواح القابلة للمعقول، وقد يتعادلان عند العامة كثيراً لدقة الفرق وغموض الفصل، وذلك أن العامة تطلق كلامها تحريفاً وتخويفاً، فتزل عن كنه الحقائق لإلفها حضيض الأمور بما تراه العين وتسمعه الآذان، ومن وراء البصر والمسموع معادن الحكمة الآلهية وبحار الأسرار الملكوتية، ومصادر نفس الأنفس الزكية، وموارد طمأنينة الأرواح الطينية، ومعارج رواد العقول الصافية.
قيل: فما التوحيد؟ قال: اعتراف النفس بالواحد لوجدانها إياه واحداً من حيث هو واحد لا من حيث قيل إنه واحد. وهذا هو الحد بين توحيد الجمهور بالتقليد وبين توحيد الخاصة بالتحقيق. فأما اعتراف اللسان فهو ثابت عن اعتراف النفس