لست أدري أطال ليلي أم لا ... كيف يدري بذاك من يتقلى
لو تفرغت لاستطالت ليلي ... ولرعى النجوم كنت مخلاً
فقال له يحيى بعد أيام: قد عارضت خالد الكاتب في قوله! ثم أنشد:
إن يكن لا دري إلا المخلا ... لست تدري إن كنت تدري أم لا
أو تكن دارياً بذاك فهلا ... كنت تدري أطال ليلك أم لا؟
قال: وانقلب أصحابنا عنه بالضحك والتعجب؟ انظر كيف يسلب الفاضل توفيقه في وقت مع البصيرة الثاقبة بالعلم! ولم ينشدنا أبو سليمان هذه ليحيى بن عدي حتى ألححنا عليه. وكذلك إنه قال: قد دل شعره على ركاكته في هذا الفن، والستر عليه أحسن بنا.
وكان أبو سليمان يستحسن للبديهي قوله:
لا تحسدن على تظاهر نعمة ... شخصاً تبيت له المنون بمرصد
أوليس بعد بلوغه آماله ... يفضي إلى عدم كان لم يوجد؟
لو كنت أحسد ما تجاوز خاطري ... حسد النجوم على بقاء سرمدي
فقال: ما أفلح البديهي قط إلا في هذه الأبيات؟ وصدق كان غسيل الشعر، سريع القول.
فأما أبو سليمان فإنه كان يقرض البيت والبيتين، وينشدنا ذلك وينهى عن بثه عنه، ويقول: من انتحل لضعفه قوة غيره قحة وجسارة، فقد استجر إلى نفسه فضيحة وخسارة، فمن قوله: