كذب الناس! فتعجبنا منه! فدارت الأيام حتى ترعرع الغلام وبلغ وخرج شاعراً كما ترى، معدوداً في عصره ثم أنشدنا له مستحسناً:
وتأخذ من جوانبنا الليالي ... كما أخذ المساء من الصباح
أما في أهلها رجل لبيب ... يحس فيشتكي ألم الجراح؟
أرى التشمير فيها كالتواني ... وحرمان العطية كالنجاح
ومن لبس التراب كمن علاه ... وقد تخدعك أنفاس الرياح
وكيف يكد مهجته حريص ... يرى الأرزاق في ضرب القداح
ثم أنشدتها ابن نباته فأقر لي بها.
وقلت لأبي سليمان يوماً: أنشدنا أبو زكريا الصميري عن ابن سمكة القمي عن ابن محارب الفيلسوف لنفسه:
صدفت عن الدنيا على حبي الدنيا ... ولا بد من دنيا لمن كان في الدنيا
وأدفعها عني بكفي ملالة ... وأجذبها جذب المخادع بالأخرى
فقال: هذا كلام رقيق الحاشية، حسن الطالع، مقبول الصورة، يدل على ذهن صاف، وقريحة شريفة، واختيار محمود، وذهن ناصع، ورأي بارع. ثم انظر إلى قول شيخنا أبي زكريا يحيى بن عدي فإنه أنشد يوما لخالد الكاتب: