المقابسات (صفحة 182)

وإن عزوف النفوس عمن يخونني ... ومعطى قيادي للحبيب المؤالف

أشاطره روحي ومال وأتقي ... حذاراً عليه من رياح عواصف

فإن خان عهدي لم أخنه وإن أكن ... على ما أرى من غدره بمواقف

وأترك عقباه لعقبي فعاله ... ففي عقب الأيام كل التناصف

ومن قوله أيضاً:

بكيت على مفارقة الشباب ... وأيام البطانة التصابي

وأيام التغازل والدلال ... وأيام التجني والعتاب

مضت فكأنها لما تولت ... معقبة نفيساً بالعقاب

لتبلي كل ملبوس جديد ... وتمزج كل معسول بصاب

بياض الشيب أعلام المنايا ... نشرن نذيرة لك بالذهاب

هو الكفن الذي يبلى وشيكاً ... ويأتي بعده كفن التراب

ثم قال: ألا قلال من هذا الباب أولى بنا، فلسنا من أهل هذا الفن، وسمة التقصير لائحة علينا، ودالة على نقصنا، وإن خفي ذلك بنظرنا، لأن الإنسان عاشق نفسه وليس بمؤاخذها على تقصيره. ثم قال لي: أنشدنا ما سمعنا منك لبعض الآلهيين فأنشدته:

لما تجاوز حسي ... وفات مسي ولمسي

ولم أزل أتقرا ... دليل أبناء جنسي

فلم يكن ذاك يجدي ... ولا يعود بالسي

رجعت نحوى بشرط ... يغيب عني حسي

فلاح تحت ضلوعي ... ما قد من قرن شمسي

فقلت هذا طريقي ... من غير شك ولبس

وغصت حتى تجلى ... وأشرقت منه نفسي

فقال أبو سليمان: ما أحسن الأدب والحكمة إذا كان هذا من ثمرها؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015