والرأي أن تصطلحا وتقسما ... جميع ذا المُوصَى به بينكما
فأنتما أنذل هَذي الأمّة ... فافترقا على رضى بالقسمة
ومما قلته في لطفي العنيد، ونحن في ذلك الحال الشديد، الذي ما عليه من مزيد:
عامل الله بعَدْل ... أنذل الأقوام لطفي
وتولانا بفضل ... وتلافانا بلُطْفِ
ثم ركبت من ذلك المكان، أنا ومن معي من الصبيان، وصحبنا معنا ما قلّ من
الأمتعة، وتركنا بقيتها في المركب مودعة، وودعنا مولانا السابق في الذكر المتقدم بالذِكر وداعاً استولى على القلب واستعلى على الفكر، وفارقته بالجسم والقلب له مصطحب، وأنا ضاحك من ودع ذلك المحل ومن وداع ذلك الحال منتحب، وتذكرت بوداع ذلك الصاحب الحبيب وداع كل صاحب وحبيب، وبهذا الفراق والنأي القريب فراق كل ناءٍ قريب، وأنا أتململ بين نار قلب في نهاية الاضطرام، وماء طرف منسجم غاية الانسجام، وأتمثل بقول علي بن هشام:
يا مُوقِدَ النارِ يُذكيها فيخمدُها ... قُرَّ الشتاءِ بأرواحِ وأمطارِ
قم فاصطل النار من قلبي مضرَّمةً ... بالشوقِ من مهجتي يا موقدَ النارِ
ويا أخا الذودِ قَدْ طَالَ الظماءُ بها ... ما يعرف الرَّيُّ مِنْ جَدْبٍ وإِقتارِ