خبر، ولا عين لهما ولا أثر، ولا أسفر وجه واحدٍ منهما ولا حضر، ونحن في غاية القلق والضجر، فأرسلنا إليهما وأكّدنا في الحضور عليهما فحضرا واعتذرا، وذكرا أنّ السفر ولا بدّ يوم الاثنين، فجاء ذلك اليوم ولا عين ولا خبر وليس إلاّ الكذب والمَيْن، ونحن نقول: هما أين؟ هما أين؟ فغضبنا من ذلك وحردنا، وأكّدنا عليهما بسببه وشدّدنا، فحضرا وأجمعا ووعدا بأنّ السفر ولا بد يوم الأربعاء، وأقسما على ذلك وتقطَّعَا، فحضر الأربعاء ولم يحضرا ولم يُشاهدا ولم يُنظرا ولا خبر منهما ولا مخبر عنهما، فأيقنَّا أن ليس واحد منهما مُسْلِمَا، ثم انقضى ذلك اليوم ومضى، ونحن نتقلى على جمر الغضا، ونمزج الغيظ بالرضى، وقد ضاق علينا ذلك الفضاء، وصار صبرنا كأمس مضى.
ومضت بعد ذلك مدة، وأيام عدّة، ثم حضر أحدهما معتذراً، مستكيناً بما جرى مستغفراً، وعاهد ووعد وذكر بأن يوم الأحد ولا بد يكون السفر، فانْتُظر ذلك الأحد أحدّ انتظار، إلى أن وافى بوعده ذلك النهار، ثم مضى يوم الأحد، ولم يحضر منهما أحد، ولا أنجز ما عَاهَد عليه ووَعد، ثم حضرا بعد أيّام، وقالا: قد
استحيينا منكم ونحن نصدقكما الكلام، فإنّ مركب لطفي لم يتم، ومركب ماميه أشرف على التمام، ويكمل وسقه ولا بدّ يوم الخميس، (ويحصل من الكروب التنفيس)، ويكون نزولكم فيه بخير يوم الجمعة وقت التَغْليس، وأقسموا على ذلك قسماً لا يفجر من كان مسلماً، فارتجينا بذلك تنفيس الكروب، وقلنا قد يصدق الكذوب، فارتقبنا ذلك رقبى الهلال، ولم نشكو في انتظاره من الكلال، فلم