العُبودية ونحفظ رتبة السيادة ونقف على قدم الخدمة بين يديه متأدبين كما هو جاري العادة، ويكون هذا الموقف إعزازاً لا إذلالاً، ولا نتخذ كل وقت سوء الأدب ادْلالا، لا زال مقامه كل وقت شريفاً، وشرفه عالياً على كل شرف منيفاً، وظلّه في الآفاق صافياً وريفا، وسعده وارداً ورائداً من الإقبال منهلاً وريفاً، فلم نزل مقيمين هناك بذاك المكان إلى أن عاد السُّلطان من جَوْب تلك البلدان، وضرب له بظاهر تلك البلدة الخيام، وكان ذلك أواخر شهر المحرم الحرام، واستمر به المقام هناك ثلاثة أيام، ثم عَنَّ له الركوب من هناك في البحر المالح لمّا رأى في ذاك من المصالح، فبطل أعمال الركائب وأعمل ركوب المراكب، وعدّى الى القُسْطَنْطِينيّة محل تخت مُلكه في القارب، فما مضى ذلك اليوم وغده حتى ضمته سراياه وبلده، ثم تلاحقت به العساكر تترا، وتألفت مسرعة براً وبحرا، وكنّا قد سئمنا هناك من المقام، وإن لم
يسأموا منّا أهل ذلك المقام، وآل الإكرام منهم الى الإبرام، وإن لم نبلوا من صحبتنا أقصى المرام، فأجمعنا على الرحيل وأزمعنا، ولم تك هناك الخيل معنا وليس ثمَّ محمل ولا مركب غير ما حملنا إليها
من ذلك المركب المنسوب إلى الرئيس لطفي، وحاله في النذالة والسفاهة غير مخفي، وإلاّ المركب المنسوب لابنه ماميه، ساق الله ما يستحقه إليه، فأرسلنا وراءهما بسبب ذلك، وذكرنا لهما ما هنالك، وشرحنا لهما جليّة الخبر، وقلنا: إن كنتم تهيأتم للسفر وإلاّ فهنا مراكب أُخَر، وقصدنا تقريب الرجعة والمضي إلى القُسْطَنْطينيّة سرعة، فقالوا: قد تكاملت أمورنا ولكن اصبروا علينا إلى يوم الجمعة، فمضت الجمعة ولا حس ولا