ولم نزل بذلك المكان المذكور، ننشر من الإنشاء زهر منثور، وننظم من القصائد درر بحور، ونحلى من نواشي الطروس بلآليء السطور، معاقد خصور ولبات نحور، وأتمتع من ذلك السيد المولى بمجالسته، وأتمنع إلاّ عن مسامرته ومؤانسته، وأرتشف من نمير زلال مفاكهة أحاديث أحلى من ارتشاف الرضاب، وأغترف من بحر علومه فوائد لها عندي اقتضاء واقتضاب:
أحاديث أحلى في النفوس من المُنَى ... وألطف من مرّ النسيم إذا سرى
فيا لها من أيام غرر جلت غسقاً وتعالت نسقاً، وبثت من علوم ونشت من منثور ومنظوم، وذكرت أيامنا بالبلاد الشَّاميّة، التي هي بالمحاسن موشية، وبعكوفنا فيها على العلم بكرة وعشية، فهناك كم من صارفة حرفت وعارفة عرفت وعقيلة عقلت وكلمة رمقت فومقتْ ومقلت فنقلت، قد ناب فيها عن والدتي هذا السيد أباً شفيقاً وعن أخوتي أخاً برّاً شقيقاً:
شقيق أخاء لا شقيق أخوةٍ ... نسيب صفاء إن ذكرت نسيبا
بل سيد ومولى ومالك الرق والولاء، ومنقذ بشريف فضله وتفضله نفساً أشرفت على البلاء، يؤنسني في وحشتي تلك مأنسة، ويقدّمني في كل الأمور على نفسه، بل هو الروح الروحانيّة والنفس الإنسانيّة، والقلب لكنه السليم من الانقلاب، والعين لكنها القريرة بالأحباب، قد رفعت من صدق الاتحاد الاثنينية بيننا، ولولا ملاحظة السيادة والعُبودية لقلت له: يا أنا، استغفر الله تعالى، بل نلحظ مقام