فالقياس الصحيح هو ثبوت حكم الأصل فى الفرع لاشتراكه فى العلة مع
الأصل باعتبار الواقع ونفس الأمر أى ما عند الله تعالى والقياس الفاسد باعتبار ما ظهر للمجتهد فقط، ووجه الشمول أن الاشتراك فى العلة عند الإطلاق ينصرف اإلى الاشتراك باعتبار الواقع ونفس الأمر فقط: لأن الحقيقة يتبادر منها عند الإطلاق الفرد الكامل، وهو الصحيح دون الفاسد فلو لم يقيد الاشتراك بالاشتراك عند المثبت لفهم أن المدار فى القياس على الاشتراك باعتبار الواقع ونفس الأمر، لا باعتبار ما ظهر للمجتهد وبذلك يكون التعريف قاصراً على القياس الصحيح،
فيكون غير جامع لكل أفراد الحقيقة فلما قيد الاشتراك بقوله عند المثبت فهم من هذا أن المدار على الاشتراك باعتيار ما ظهر للمجتهد فإن وافق ذلك ما عند الله تعالى فهو القياس الصحيح وإن لم يوافقه فهو القياس الفاسد، وبذلك يكون التعريف شاملاً للنوعين، وهذا عند المخطئة الذين يرون أن الحق واحد، وأن المصيب واحد وما عداه مخطئ، وإن كان الكل مثاباً لقوله عليه السلام: " من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطاً فله أجر واحد"
ومن هنا يعلم أن المصوِّبة وهم الذين يرون أن كل مجتهد مصيب لأن الحق متعدد إذا عرفوا القياس بمثل هذا التعريف فلابد لهم من زيادة هذا القيد وهو عند المثبت لأن تركه يقضى بأن القياس لا يتحقق في أى فرد من أفراده ضرورة أن الاشتراك فى العلة باعتبار الواقع ونفس الأمر لا عبرة به عندهم وإنما المعول عليه الاشتراك باعتبار ما ظهر للمجتهد فقط.
وكلمة عند تستعمل لمعانٍ، فتكون بمعنى الحضرة مثل عندى زيد، وبمعنى
المِلْك مثل عندى مال وبمعنى الحُكم مثل زيد عندى أفضل من عمرو أى فى
حكمى، وهنا معناه الحكم أى فى حكم المثبت، مثلها قولنا على مسألة فقهية
عند الشافعى كذا وعند أحمد كذا أى فى حكم الشافعى أو أحمد، فهى متعلقة
بالنسبة الكلامية حيث دخل القياس الصحيح والفاسد فى التعريف.
و (عند) ظرف مكان تصلح للحاضر والغائب والقريب والبعيد وتقول
عندى مصحف وتقصد أنه حاضر معك أو تقصد أنه ببيتك ويكون قريبا من
مكانك أو بعيدا أى في ملكى وهى ظرف زمان تقول استيقظت عند الفجر،
وهي منصوبة على الظرفية ولا تجر إلا بـ (مِنْ) خاصة مثل (قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) ولا تدخل عليها سواها.