قال البيضاوى رحمه الله نعالى.:
قيل: الحكمان غير متماثلين في قولنا: لو لم يشترط الصوم في صحة
الاعتكاف لما وجب بالنذر كالصلاة قلنا: تلارم، والقياس لبيان الملازمة،
والتماثل حاصل على التقدير، والتلازم والاقتران لا نسميهما قياسا.
ثانيا: مناقشة التعريف والأجوبة عنها:
وقد وردت على تعريف البيضاوي مناقشات ثلاثة سوف نقررها ونفصل
القول فيها ونبين الأجوبة الصحيحة التى تدفعها وتمنع ورودها.
وقد حدث اشتباه بين أولها وثانيها وظنهما الكثيرون مناقشة واحدة والفرق بينهما إنما هو من جهة تقريرهما وبيان سبب ورودهما كما سيتضح لك ويظهر، والخطب فى مثل ذلك أمره سهل محتمل.
المناقشة الأولى: أن هذا التعريف (أى تعريف القياس بالإثبات)
تعريف بالمباين فيكون تعريفا باطلاً.
وقد اختلف الكاتبون فى شرح هذا التباين المزعوم وبيان سببه والعلة فيه
فقال بعضهم: إن حقيقة القياس هى: المساواة بين المعدومين الأصل والفرع فى الواقع وهى غير الإثبات فيكون تعريف القياس به تعريفا بما يباينه، وعلى هذا التوجيه يكون هذا الاعتراض فى غاية الضعف والتفاهة.
وجوابه ظاهر معروف فيما تقدم لك فى بيان منشأ الخلاف بين الأصوليين
ْفى تعريف القياس وأن حقيقته المساواة أو نحو الإثبات فارجع إليه.
وقال بعضهم: إن (الإثبات) الذى عرف القياس به عبارة عن نتيجته
ونتيجة الشىء غير حقيقته، فتعريفه به تعريف بالمباين له.
وقد أجاب غير واحد عن هذا: يمنع أن (الإثبات) نتيجة القياس وإنما نتيجته
هى الثبوت أى: ثبوت مثل حكم الأصل فى الفرع.
وهو جواب مشهور ولكنه ضعيف وناشئ عن التأثر ببعض الأجوبة عن
المناقشة الثانية الآتي ذكرها مما ستقف عليه وذلك لأن (الإثبات) أى التصديق
بالثبوت متوقف على نفس هذا الثبوت فإذا كان الثبوت هو النتيجة فيكون الإثبات متوقفاً على هذه النتيجة أو بتعبير آخر: