صورة الشىء في الذهن فالمعلوم المدرك المفرد الحاصل فى الذهن والمراد من المعلوم هنا هو المقيس عليه وهو الأصل والمحل.
- 8 -
(في معلوم آخر) المراد بالمعلوم الآخر المقيس وهو الفرع وهو: ما ثبت فيه
الحكم ثانيا، وفى ذلك إشارة إلى الركن الثالث من أركان القياس، لأن القياس يشمل على التسوية بين أمرين، فيستدعى وجود المتساويين، ثم هو متعلق بقوله المتقدم (إثبات) فإذا جرينا على أن المراد من الإثبات خصوص إدراك الثبوت فالتقدير حينئذ هو التصديق بثبوت مثل حكم معلوم وهو الأصل فى المعلوم الآخر.
وعبر البيضاوي عن الأصل والفرع (حكم معلوم فى معلوم آخر) ولم يقل
حكم شىء فى شىء آخر أو حكم أصل فى فرع ليكون التعريف شاملا للقياس فى الموجودات والمعدومات وإلا كان غير جامع وليكون بعيدا عن إيهام الدور.
وبيان ذلك أن الشىء عند الأشاعرة هو الموجود سواء أكان واجباً أو ممكنا
فلا يصدق على المعدوم أصلاً عندهم، وعند المعتزلة الشىء هو الممكن مطقا
موجوداَ أو معدما فالواجب والمستحيل لا يسمى كل منهما شيئاً عندهم جميعاً.
فلو عبر بالشىء لخرج المعدوم عند الأشاعرة سواء كان ممكنا أم مستحيلا،
ولخرج المستحيل والواجب عند المعتزلة وعلى ذلك يكون التعريف غير جامع.
فالقياس يجرى فى الممتنع مثل: قياس المؤثر من الحوادث مع الله تعالى على
الشريك له سبحانه فى أنه لا يجوز اعتقاده لجامع أن كلا منهما يثتب عليه فساد الكون وخراب العالم، مثال القياس فى الممكن: قياس العنقاء على الغول فى جواز بجامع أنه لا يترتب عليه محال.
كذلك لو عبر بالأصل والفرع لتوهم أن الأصل معناه المقيس عليه والفرع
معناه المقيس وحينئذ يقال له أن المقيس عليه والمقيس مشتقان من القياس ومعرفة المشتق متوقفة على معرفة المشتق منه فيكون الأصل بعنوان كونه مقيسا عليه والفرع بعنوان كونه مقيسا متوقفين على القياس لكونه هو المشتق منه فتكون معرفة الأصل والفرع متوقفة على معرفة القياس مع أن المفروض معرفة القياس هى المتوقفة على معرفتهما فيكون التوقف قد حدث من جانبى التعريف والمعرف وهو حقيقة الدور، فالدور توقف شىء على ما يتوقف على ذلك الشىء.
وإنما كان التعبير بالأصل والفرع موهماً للدور ولا يستلزمه لأنه قد يمنع بمانع
وهو: أن الأصل يراد به هنا ما يبنى عليه غيره، والفرع قد يراد به ما بنى على