فازدهرت فيها ازدهارها على الفرات. وفي ذلك يقول دوزي، الذي وقف جل نشاطه على الأندلس واشتهر بميله للعرب، إن كل إنسان تقريباً كان يحسن القراءة والكتابة يوم خلت أوربا ممن يلم بها ما خلا الطبقة العليا من القسيسين (?).
أما الفلسفة والمنطق والفلك والكيميا والرياضيات، فقد كانت أحب العلوم إلى الخاصة والمجددين، وأقبحها لدى العامة والرجعيين. وكان الخلفاء من علمائها فريقين: فريقاً يقربهم ويجزل عطاءهم ويوليهم كبار المناصب. وفريقاً، وهو الأكبر، ينكبهم بإحراق كتبهم واستصفاء أموالهم ورجمهم فيهربون منه إمساكأ على حياتهم (?) وكان فقهاء الأندلس المالكيون حرباً على تلك العلوم وعلى الغناء والموسيقى وبعض أطرزة البناء (?) فأحرقت على يدهم كتب خليل بن عبد الملك، وإحياء العلوم للغزالى، ومعظم كتب ابن رشد. وفر الحباب، وابن مسرة وأتباعه، وعبد الرحمن ابن زيد الملقب بأقليدس الأندلس. حتى إذا انقرضت دولة بني أمية، وصارت الأندلس إلى ملوك الطوائف، وبيعت كتب القصور انتشرت العلوم على اختلاف أنواعها انتشاراً واسعاً:
كان عبد الرحمن الثاني أول من بدل حياة البلاط من خشونة إلى ترف باستقدامه زربابا الشاعر من بغداد فأدخل الغناء والموسيقى الشرقيين إلى الأندلس. وتألق في بلاطه الشعراء: يحي بن الحكم بن الغزال - وقد نشر فابريسيوس Fabricius تقرير ابن الغزال عن سفارته إلى ملك النورمان في أعمال مؤتمر المستشرقين 8 سنة 1892 - وتمام ابن علقمة، وحسانة التميمية.
وقال عبد الله الشعر فشاع بين الناس وظهر فيه: القلفاط، وعبيد يس، وسعيد بن جودي شاعر الفروسية، ومقدم بن معاني القبرى الضرير مبتدع الزجل والموشح.
وشمل عبد الرحمن الناصر الثقافة برعايته فاشتهر الشاعران: ابن هانئ والزبيدي، والمؤرخون: الرازي، وابن القوطية، والخشنى. وصاحب الموسوعة: