في الجزيرة لغير الإسلام ديناً، فأجلى النصارى واليهود عنها (?).

وتميزت ثقافة الحجاز بطابعه المحلى الصرف التي عبرت عنها بلغة القرآن الكريم: «إنا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون» (?). ولكن الحجاز كان محاطاً، في العصر الجاهلي، بمؤثرات دينية وفكرية ومادية انعكست على ثقافته: فأهل نجران ينقلون النسيج إلى مكة لستر الكعبة، والأنباط يحملون إليها الحبوب والزيوت والخمور، والغساسنة يفدون عليها فتنزلهم قلب المدينة، واللخميون يضاربون في أسواقها ومصارفها، وجالية من الأحباش مستقرة بها. ثم تنصر ملوك كندة عمال تبابعة اليمن، ومنهم امرؤ القيس الشاعر، وقبائل جذام - وقد ولى أحدها فروة بن عمر الجذامي قيادة جيش الرومان في وقعة مؤتة - وعذرة، وتغلب وبكر ثم بعض القبائل المجاورة. ولكنهم تنصروا على مذهبين قسماهما إلى عرب شرقيين وعرب غربيين فراح كل فريق ينافس الآخر في استمالة الوثنيين إلى شيعته بتشييد الكنائس والأديرة والمدارس لهم. وغلبت الثقافة النسطورية الآرامية - ثم أصبح النساطرة فما بعد همزة وصل بين الثقافتين الهليستينية والعربية - ودخلت الكلمات اللاتينية واليونانية والآرامية اللغة العربية: كقنديل، وبئر، وفدن، وقصر - الذي أعادته إلى إسبانيا الكازار - وتأثرت بالمفردات العبرية: كجبريل، وسورة، وجبار، خلا الإسرائيليات.

أول من زار مكة ووصف مناسك الحج فيها ليبليش (1807) ثم تبعه كثير من المستشرقين، فجابوا الحجاز وكشفوا عن آثاره وأسراره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015