الفصل الثالث
فتوح الإسلام
وجاء الإسلام فجمع شتيت العرب ووحد قواهم ومدهم بروح من لدنه، في حين دب الضعف إلى الإمبراطوريتين: الفارسية والبيزنطية من استمرار حروبهما وفداحة ضرائبهما والتنازع على عرشيهما، وضاق بهما نصارى الشرق الأدنى ووجدوا في المسلمين محرجاً فحمي بنو طيء المعبر لهم في وقعة الجسر. وأنجدهم بنو النمير، وقاتل بنو تغلب إلى جانبهم في وقعة البويت، وصالحهم أساقفة دمشق والقدس والإسكندرية من دون البيزنطيين فسقطت ممالك عظيمة الشأن رحبة المساحات وافرة الغنى عريقة الفن والأدب والعلم في أيدي المسلمين العرب. ثم في أيدي الذين اعتنقوا الإسلام من مختلف البلدان والقوميات واللغات بعد أن اتحدوا في الإسلام وتعلموا العربية لفهم آيات قرانه الكريم والحديث والفقه واتجهوا إلى مكة في صلواتهم وحجيجهم فكان هذا التلاقي بين الشرق وبين الغرب بالإسلام، أو بالجزية على من لم يسلم، هو الأول من نوعه في التاريخ.
غزا العرب بالإسلام أطراف العراق، وكانت تحت الحكم الفارسي فيسر لهم اللخميون فتح الحيرة (633) وساروا في ركابهم لقتال الفرس فهزمهم الفرس في وقعة الجسر (634) وانتقموا لهزيمتهم في القادسية (637) وبلغوا المدائن (637) وأسسوا على شط العرب مدينة البصرة (637) وبالقرب من الحيرة مدينة الكوفة (638) ثم سقطت في أيديهم خوزستان (640) والموصل (641) ونهاوند (641) ومناطق الساحل من بلوخستان (643) واصطخر أعظم مدن فارس (649) فأدالوا الإمبراطورية الفارسية وجعلوها جزءاً من الدولة الإسلامية، قسموه إلى ولايات تابعة لهم ولقبوا الفرس بالموالي، ورجعوا من المدائن وقد امتلأت أيديهم بالغنائم حتى